توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السيسى والقضاء على الفرعونية

  مصر اليوم -

السيسى والقضاء على الفرعونية

معتز بالله عبد الفتاح

فى أوائل أبريل الماضى تواصلت معى، ومع غيرى، إحدى القيادات العسكرية المهمة لمساعدتهم لإقناع الدكتور مرسى بأن يستجيب للإرادة الشعبية بتغيير الحكومة وتهدئة الأوضاع بعد أن أعيتهم الحيلة معه لتجاهله الدائم لما ينقل إليه من نصائح من أجهزة الدولة. كانوا آنذاك لم يزل عندهم أمل فى أن يستجيب لهم. أتذكر أننى قلت آنذاك عنه «لقد أصابته الفرعونية السياسية التى تجرى من السياسى فى مصر مجرى الدم. السياسى الذى يرى أنه لو تراجع عن قرار خاطئ أو تصريح غير موفق يظن أنه بهذا قد أُهدرت كرامته. والأسوأ من ذلك أن من يراه يتراجع عن موقف خاطئ ينظر إليه على أنه منافق أو متلوّن أو ضعيف الشخصية. وكأن الإنسان فى مصر إما ملاك لا يخطئ أو شيطان لا يصيب أو متلون حتى لو كان يتراجع عن موقف خطأ». وافقتنى القيادة الكبيرة على ما انتهيت إليه بعد أن أعيتنا الحيلة مع الدكتور مرسى ورفاقه، وظل السؤال: نعمل إيه: «كان ردى، نحن بحاجة لفرعون أخير يدرك مخاطر الفرعونية فيقضى عليها». القيادة العسكرية الكبيرة لم تزل فى موقعها وهى من أقرب المقربين من المشير السيسى، وها أنا أكتب لها ولنا جميعاً هذا المقال. عسى أن تكون هذه هى المرة التى ننجح فيها نحن المصريين فى حسن الاستجابة مع صعوبة التحدى. أرنولد توينبى، المؤرخ البريطانى الشهير، كان يرى التاريخ سلسلة متصلة الحلقة من «تحدٍّ واستجابة». أتمنى أن تكون استجابة المشير السيسى مختلفة عن السابقين عليه، وأن يكون بالفعل الرئيس المؤسس للدولة التنموية الديمقراطية الحديثة. أولاً المرشح عبدالفتاح السيسى للرئاسة يمكن أن يكون القدوة الذى يلتزم القانون، مع غير حاجته أصلاً لمخالفته. يلتزم فى برنامجه الانتخابى بأن يكون واقعياً مدروساً يحمل الجانبين: جوانب الإنفاق، وهذا سهل، ولكن كذلك جوانب التمويل، وهذا هو التحدى الأكبر. المرشح عبدالفتاح السيسى يمكن أن يكون القدوة فى التزام الدعاية السياسية المحترمة التى لا تنال من الخصوم، وإنما تركز على حل المشكلات، يكون القدوة فى الإعلان عن مصادر تمويل الحملة الانتخابية وطرق إنفاقها. وأن يقبل الدخول فى مناظرات ونقاشات بشأن برنامجه الانتخابى وأن يعلم أن القضية ليست ترشحه أو رئاسته وإنما إرساء قواعد العمل السياسى فى المستقبل. ثانياً، المرشح السيسى هو الوحيد بين كافة الأسماء المطروحة الذى يستطيع أن يعد أقل (under-promise) ولكنه يستطيع أن يحقق أكثر (over-deliver) كما قال الصديق الدكتور محمد عمر. وهذا مهم لقيادة تنوى مواجهة مشاكل مصر الهيكلية. ثالثاً، مشاكل مصر الهيكلية لم تزل قائمة وكما كتبت قبل انتخابات الرئاسة فى 2012 أن الرئيس المقبل عليه أن يضع نصب عينيه أولويات خمس: أمن بلا استبداد، تنمية بلا فساد، إدارة سياسية بلا استبعاد، إخراج الجيش من الصراع السياسى بلا عناد، دور إقليمى نشط بلا استعداء. هذه لم تزل التحديات الأوْلى بالتقديم، والتى انتقلت من النظام السابق إلى النظام اللاحق. وهى تتطلب حكمة وحسن تدبر للوقائع والبدائل. رابعاً، على الرئيس الجديد أن يعلم أننا لا نعلم معنى الديمقراطية والعمل المؤسسى. من يصنع المؤسسات هم أفراد لديهم بُعد نظر وقدرة على أن يروا الحاجة لإعلاء القيم والقواعد القانونية على المدى الطويل. قبل اتخاذ واشنطن عاصمة للولايات المتحدة، قرر جورج واشنطن أن ينتقل إلى السكن بجوار مقر اجتماع الكونجرس من مزرعته فى غرب فيرجينيا بعد أن ثار جدل بين فريق عمله وأعضاء الكونجرس بشأن أين ينبغى أن يقيم رئيس الدولة؛ فكان قرار جورج واشنطن بأن رئيس الولايات المتحدة سيقيم حيث يقرر ممثلو شعب الولايات المتحدة. هذه كانت لحظة فارقة فى أهمية ألا يكون جورج واشنطن، الذى انتُخب بالإجماع من ممثلى الولايات، ديكتاتوراً، وإنما أن يكون حاكماً ديمقراطياً يبغى التعاون وليس السيطرة على مؤسسات الدولة الأخرى. خامساً، مصر بحاجة لمنافسة انتخابية ديمقراطية كاملة فى انتخابات الرئاسة لأن المنافسة الشكلية مع مرشحين ضعاف ستعطى للفائز سلطة محسومة، ولكنها ستكون مبنية على شرعية منقوصة بالذات أمام من يتربصون بنا فى الداخل والخارج. والله من وراء القصد. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيسى والقضاء على الفرعونية السيسى والقضاء على الفرعونية



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon