توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى أنصار المصالحة: لا يوجد جزرة

  مصر اليوم -

إلى أنصار المصالحة لا يوجد جزرة

معتز بالله عبد الفتاح

تصدر تصريحات أو مبادرات تهدف لتحقيق فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان. وعادة ما يكون الرد العنيف عليها من طرفين: من أنصار جماعة الإخوان من خلال عملية إرهابية، سواء نجحت أو فشلت، أو من الرافضين لفكرة إعادة إدماج الإخوان فى الطبقة السياسية المصرية من الأصل. تعالوا نأخذ المسألة من منظورين مختلفين قليلاً. أبدأ بواحدة من الدراسات المهمة التى كتبتها «MONICA TOFT»، الأستاذة بجامعة هارفارد، بعد تحليل نتائج 137 صراعاً من 1940 وحتى 2007. وقد وصلت إلى عدة نتائج أهمها أننا رغماً عن نزعتنا كبشر للرغبة فى حل الصراعات بالطرق السلمية، فإن دراسة هذه الحالات السابقة تقول إن المفاوضات بين طرفى النزاع بينهما توازن فى القوة يجعل الصراع مرشحاً للتجدد مرة أخرى. كما أن حل الصراعات الداخلية، ومنها الحروب الأهلية، عن طريق المفاوضات دون حسم كامل للقضايا الخلافية، لا يزيد من فرص التحول الديمقراطى بعد إنهاء الصراع. وهنا تصل إلى النتيجة المزعجة لبعضنا: الصراعات التى تنتهى عبر المفاوضات أدت إلى المزيد من الدماء على المدى الطويل، مقارنة بالصراعات التى انتهت بانتصار أحد الطرفين فى ساحة المعركة. الكتاب المنشور فيه هذا الكلام بالمناسبة اسمه: «تأمين السلام: التسوية الدائمة للحروب الأهلية». أعرف أنه كلام مزعج، لكن علينا أن نفهمه فى سياقنا. أنا أريد أن يتوقف الدم: لله وللوطن ولكل من أحب من أهلى ممن يظنون أنهم يحسنون صنعاً. ولكن بأى شروط؟ الإجابة عندى: بشروط الدولة المصرية أى بشروط الدستور والقانون المصريين. أى تنظيم يريد أن يكون له موطأ قدم على أرض مصر، لا بد أن يكون بشروط الدولة المصرية ووفقاً لقواعدها باعتباره جزءاً منها وليست هى، أى مصر، جزءاً منه. قيادات جماعة الإخوان نقلوا ساحة المعركة من الصراع السياسى على كراسى الحكم إلى صراع وجودى هدفه إنهاك المجتمع واستنزاف الدولة. وتصوير الأمر على أنهم «فصيل وطنى أخطأ» مسألة لا مصداقية لها فى هذه الظروف. والكرة فى ملعبهم وحدهم بشأن إعادة طرح أنفسهم على المجتمع، إن شاء قَبل بهم وإن شاء لفظهم. وأغلب الظن أنه سيلفظهم. إذن ما أتصوره أنه مهما كانت التضحيات، فإما أن تنتصر الدولة وتفرض شروطها على الجميع أو لا دولة. وحتى لو كانت دولة معلولة ورخوة وفاسدة فى كثير من جوانبها، فإنها أفضل من غيابها، لا سيما فى بيئة سياسية يظن المراهقون فيها أنه من مصلحتهم هدمها، وهم لا يعرفون أن يشكلوا جمعية أو حزباً سياسياً يصمد أمام خلافات أعضائه لمدة عدة أشهر. ثانياً، لا يوجد «جزرة». الطرفان: الدولة والجماعة، النظام والتنظيم، لا يملكان جزرة للطرف الآخر. كلاهما لا يملك إلا عصاية. التفاوض يقوم على «العصا والجزرة» أى القدرة على توقيع العقاب على الطرف الآخر وعلى إعطاء الطرف الآخر شيئاً مما يريده. نحن أمام طرفين لا يملكان «جزرة» الآن. لماذا لا يملكان «جزرة»؟ لأن الجزرة نفسها تكون جزءاً من ترتيب الأولويات وفقاً لقاعدة «تنازل وتشدد» (YIELD AND SHIELD)، أى تنازل عما لا يعبر عن أولوية مطلقة عندك (وهذه هى عادة الجزرة)، واحمِ وتشدد فى الدفاع عما تراه أولوية مطلقة. أزعم أن الأفق الوحيد الذى يمكن أن تظهر فيه «الجزرة» هو بعد الانتخابات الرئاسية. ربما يكون من الممكن، واقعياً، بعد أن تكون تكوّنت شرعية جديدة للرئيس الجديد، أن يكون هناك حديث عن «جزرة» مشاركة الإخوان فى البرلمان كمرشحين مستقلين أو، لو ظل حزب الحرية والعدالة قائماً، من خلال الحزب. وكل هذا وفقاً لشروط الدولة المصرية. شرعية الرئيس القادم مهمة للغاية فى تحديد مصير الإخوان. الشرعية هنا تعنى كلمتين: «القبول والدعم». لذا لا بد أن يكون الرئيس القادم مقبولاً من حيث آلية انتخابه وأن يكون كذلك مدعوماً ممن انتخبوه وممن انتخبوا منافسيه. وهذا جزئياً مسئولية الرئيس القادم نفسه. أتمنى أن تتوقف الدماء بشكل سريع، ولكن فى نفس الوقت، لا أريدها أن تتوقف اليوم لننزف جميعا غداً بمعدلات أعلى. إما أن تكون هناك دولة ونعمل على إصلاحها بكل الأساليب الممكنة أو لا تكون هناك دولة أصلاً ونستبدل بها ميليشيات مسلحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى أنصار المصالحة لا يوجد جزرة إلى أنصار المصالحة لا يوجد جزرة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon