توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يتغيرون؟

  مصر اليوم -

لماذا يتغيرون

معتز بالله عبد الفتاح

قال أحدهم: لماذا يتغير الناس، لا سيما من نحسبهم مناضلين وثوريين، حين يصلون إلى السلطة؟ وردّى عادة: ما الذى يجعلنا جميعاً نتغير حين نتزوج أو نسافر إلى الخارج أو نمتهن مهنة أخرى غير مهنتنا الأصلية؟ ترى الشخص قبل الزواج وكأنه يتخذ قراراته بلا حساب لما ستفضى إليه فى المستقبل، لأنه بلا مسئوليات محددة على عاتقه، ولكنه بعد الزواج تكون قراراته أقل سرعة وأكثر حرصاً، ومن يتزوج ولا يحدث له هذا التغيير يوصف بأنه شخص «أهوج» لا يراعى المسئولية التى وقعت عليه. إذن «انت مش انت وانت متزوج»، فما بالك حين تتزوج الحكومة؟ هنا لا يظل الليبرالى ليبرالياً وهو متزوج للحكومة لأنه يصبح «ليبرالى حكومى» أو «ليبرالى فى موقع المسئولية الحكومية»، وهكذا مع «اليسارى الحكومى» ومع «الإسلامى الحكومى». من يتزوج الحكومة سيفكر بمنطق الحكومة، هذا هو الجزء الأول من ردّى على من يشير لأسماء بذواتها ممن شغلوا مناصب حكومية أو ممن يشغلون الآن مناصب حكومية. ولكن هناك كذلك أمور أكثر تفصيلاً تساعدنا على فهم أسباب تغير الناس حين يصلون إلى السلطة، منها مصادر المعلومات التى تصل إليك. لا أعرف إن كنت يوماً سأكتب مذكراتى أم لا عن تلك الفترة العصيبة، لكن هناك العشرات من المواقف التى وجد الإنسان نفسه فيها ليكتشف كيف أن مؤسسات صناعة القرار قد تعطى المسئول فقط تلك المعلومات التى تجعله لا يتخذ إلا قراراً محدداً. مثلما يروى لك صديقك رواية لا يمكن إلا أن تستنتج منها أنه كان على صواب وأن زوجته كانت على خطأ. إذن مصادر المعلومات التى يستند إليها السياسى وهو داخل مؤسسة الحكم تختلف شكلاً وموضوعاً وتفصيلاً عن تلك التى تتوافر لنفس الشخص لو كان خارج جهاز الدولة. البعد الثالث وهو ثقافة المبالغة وأحياناً التلفيق والكذب التى يعيشها الإنسان المصرى بما يجعلك لا تدرى أين الحقيقة وأين الخيال فيما يقال لك؛ فيضطر المسئول لأن يتبنى، دون أن يصدق فى قرارة نفسه بالضرورة، أقرب رواية منطقية متماسكة تزيح عنه المسئولية أو الحرج. البعد الرابع، مصر العميقة أقوى من أى أيديولوجيا أو برامج عمل سياسية إلا إذا حظيت بدعم شعبى واسع، والمقصود بمصر العميقة هو حاصل تفاعل الدولة العميقة مع المجتمع العميق. وكان البعض أثناء الجمعية التأسيسية للدستور فى 2012 ومن لجنة الخمسين فى 2013 يحاول أن يخضع بعض المواد للتصويت؛ فيكون الرد بأن هذه المواد لو لم يوافق عليها ممثلو الأزهر وممثلو المؤسسة العسكرية وممثلو القضاء، فلن يوافق عليها المصريون فى الاستفتاء. وهنا يجد الليبراليون واليساريون والمحافظون دينياً أنفسهم فى مواجهة تقتضى منهم بالضرورة تقديم تنازلات لا تعبِّر عن تفضيلاتهم الأصلية وإنما هم مضطرون إليها بحكم أنهم تزوجوا الحكومة حتى ولو مؤقتاً. وما الحديث الصريح الذى أدلى به الدكتور محمد أبوالغار عن استخدام جملة «حكومتها مدنية» بدلاً من «حكمها مدنى» على غير ما تم الاتفاق عليه إلا مثال واضح لقبوله وكثير من الليبراليين وممثلى الكنيسة لما لو كان الأمر بأيديهم لما قبلوا به أصلاً، وهو ما ينطبق على موقف حزب النور فى لجنة الخمسين، مقارنة بما كان عليه فى جمعية المائة. البعد الخامس هو نظرية «لا تشمت بى الأعداء» التى تقوم على فكرة أن نقدم تنازلات حتى لا يشمت فينا خصومنا السياسيون أو نعمل عكس ما يريدون حتى لا يدعوا أنهم انتصروا علينا أو أنهم حققوا مكاسبهم. وفى بعض الأحيان تجد هذا المنطق يأتى من باب المكايدة والمعاندة وليس من باب الصالح العام. ولا أنسى كيف ظل التردد بين وجود مجلسين تشريعيين أو مجلس واحد بمنطق أننا سنرفض ما يقبل به الطرف الآخر بغض النظر عن التفاصيل. إذن، لماذا يقولون لنا كلاماً قبل السلطة يختلف عما يقولونه بعد أن يصلوا إلى السلطة؟ الإجابة: لأنهم تزوجوا الحكومة. ومع ذلك يظل حسابهم عندنا على الفجوة بين ما وعدوا وما أنجزوا حتى لو كانوا تزوجوا الحكومة. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يتغيرون لماذا يتغيرون



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon