توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا يجتاح التمرد العالم؟

  مصر اليوم -

لماذا يجتاح التمرد العالم

معتز بالله عبدالفتاح

من بنجلاديش إلى تايلاند، من أوكرانيا إلى البوسنة، من البرازيل إلى فنزويلا. ولا ننسى منطقتنا العربية والشرق أوسطية: من العراق إلى سوريا إلى تركيا إلى لبنان إلى ليبيا إلى تونس إلى اليمن، بل إن نذر التمرد وصلت إلى دولة مثل السويد التى كانت تعتبر نموذجاً يتغنى به الكثيرون. ولا ننسى كذلك أن مصر تعرف نصيبها من الإضرابات والاعتصامات، وحديثاً متواتراً عن احتقان شعبى يأمل البعض، ويحذر آخرون، من أن يكون مقدمة هزة عنيفة تغير بنية النظام السياسى المصرى مرة أخرى. ولا ننسى أن دولة مثل أوكرانيا شهدت ثورة ديمقراطية بالفعل فى 2004، وبعد عشر سنوات تبدأ من أول وجديد، وأن دولة مثل تايلاند شهدت فى ثمانين عاماً 18 حادثة لتدخل الجيش فى الحياة السياسية لحل البرلمان أو وقف العمل بالدستور سواء بناء على مطلب شعبى أو لانقلاب من بعض قياداته على السلطة القائمة. وقد يكون من المفيد أن يلقى هذا المقال الضوء على أصل المسألة حتى نفهم كيف ولماذا تنجح بعض الاحتجاجات فى أن تتصاعد وصولاً لتهديد النظام السياسى القائم أو أن تظل مطالب فئوية لا تحمل دلالات سياسية طويلة المدى. لصامويل هانتنجتون، عالم السياسة الأمريكى الشهير، معادلة تقول إن عدم الاستقرار السياسى (وفى قمته الثورات السياسية) يساوى المطالب السياسية مقسومة على المؤسسات السياسية. وبعيداً عن التعقيدات الأكاديمية، فإن الفكرة ببساطة هى أن عدم الاستقرار السياسى يزيد كلما زادت المطالب السياسية وضعفت قدرة المؤسسات السياسية على الاستجابة الفاعلة لها. إذن، نحن أمام مصطلحين أساسيين: المطالب السياسية والمؤسسات السياسية. أما المطالب السياسية فهى ليست بعيدة عن مفهوم الطلب على السلع والخدمات فى الاقتصاد. مطالب المجتمع من الدولة تشمل فى حدودها الدنيا المطالب الفئوية والخدمية المحدودة والتى تصنف على أنها «سياسة دنيا» (low politics) لأنها تهدف لتحقيق مطالب محدودة جغرافياً أو مهنياً ولا ترتقى إلى مطالب السياسة العليا (high politics) والتى تستهدف تغيير القواعد السياسية الحاكمة للمجتمع أو تغيير مؤسسات الدولة وإسقاط الحكومة أو نظام الحكم. وعليه، كلما ارتفعت المطالب سواء الفئوية أو السياسية على نحو لا يمكن لمؤسسات الدولة أن تستوعبها أو تردعها فإن عدم الاستقرار السياسى يتزايد بما قد يفضى إلى الثورة والانفجار. ولكن ما المقصود بالمؤسسات السياسية؟ هذه المؤسسات تنقسم إلى ثلاثة أنواع أساسية: فهناك المؤسسات الخدمية مثل المدارس والمستشفيات والمحاكم والجمعيات الاستهلاكية وغيرها، والملاحظ أنها تزداد ترهلاً فى مصر فى مواجهة موجات متزايدة من المطالب نتيجة زيادة عدد السكان. وهناك ثانياً المؤسسات التمثيلية التى تقوم بمهام التعبير عن مطالب المواطنين والرقابة على أعمال الحكومة وتداول السلطة على نحو يفضى إلى التغيير فى القواعد الحاكمة لـ «من يحصل على ماذا متى وأين وكيف» وللأسف فالأحزاب وغياب البرلمان وغياب المجالس المحلية يعنى خللاً لا يقل فى خطورته عن الخلل فى المؤسسات الخدمية. وهناك ثالثاً المؤسسات الأمنية وعلى رأسها الشرطة ومعها الجهاز القضائى ومعاونة وحدات من الجيش لهم. وهى كلها جهات تعانى الكثير وأمامها من التحديات الكثير. إذن هناك علاقة طردية (أى زيادة متوازية) بين زيادة المطالب السياسية وعدم الاستقرار السياسى إذا لم تنجح مؤسسات الدولة المختلفة فى استيعابها إما بتلبيتها (المؤسسات الخدمية)، أو التعبير عنها (المؤسسات التمثيلية) أو بقمعها (المؤسسات الأمنية). وما يبدو واضحاً أن هناك نزعة متزايدة عالمياً نحو المزيد من الاعتصامات والإضرابات، وسيزيد الأمر تعقيداً فى المجتمعات المنقسمة عرقياً ودينياً وأيديولوجياً لأن المطالب لن تكون مؤسسية وإنما تكون عادة انفصالية. هذه الفترة فى تاريخ العالم أقرب ما تكون إلى مقدمة لسلسلة أحداث كبيرة مقبلة ليس على مستوى الوطن فقط، ولكن على مستوى العالم أيضاً. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا يجتاح التمرد العالم لماذا يجتاح التمرد العالم



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon