معتز بالله عبدالفتاح
صدر أمس بيان عن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين بشأن سحب سفراء الدول الثلاث من دولة قطر. والحقيقة أن البيان مكتوب بمهارة وفيه تأصيل سياسى من أكثر من زاوية.
فهو من زاوية يوضح أن قطر خرجت على «ما تمليه مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة من ضرورة التكاتف والتعاون وعدم الفرقة امتثالاً لقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا) وقوله سبحانه: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)».
ومن زاوية ثانية، فهى تضع نفسها فى موضع شقاق مع من دخلت معهم فى تحالف، متمثلاً فى مجلس التعاون الخليجى، وما يمليه هذا التحالف من «تحقيق التنسيق والتعاون والترابط بين الدول الأعضاء فى جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها فى مختلف المجالات».
ومن زاوية ثالثة، فقد تم بذل جهد سابق ومساعٍ حميدة من أجل «التواصل مع دولة قطر على كافة المستويات بهدف الاتفاق على نهج يكفل السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس تقوم على الأسس الواردة فى النظام الأساسى لمجلس التعاون وفى الاتفاقيات الموقعة بينها بما فى ذلك الاتفاقية الأمنية، والالتزام بالمبادئ التى تكفل عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواءً عن طريق العمل الأمنى المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسى، وعدم دعم الإعلام المعادى»، وفقاً لنص البيان. ومن زاوية رابعة، فإن الأمير الجديد نفسه قد التزم فى 23 نوفمبر 2013 بأن يحترم قواعد هذا التحالف، فى ما يسميه البيان «اتفاق الرياض»، لكن، وكما يقول البيان: «إلا أنه وفى ضوء مرور أكثر من ثلاثة أشهر على توقيع ذلك الاتفاق، دون اتخاذ دولة قطر الإجراءات اللازمة لوضعه موضع التنفيذ، وبناءً على نهج الصراحة والشفافية التامة، الذى دأب قادة الدول الثلاث على الأخذ به فى جميع القضايا المتعلقة بالمصالح الوطنية العليا لدولهم، واستشعاراً منهم لجسامة ما تمر به المنطقة من تحديات كبيرة ومتغيرات تتعلق بقضايا مصيرية لها مساس مباشر بأمن واستقرار دول المجلس، فإن المسئولية الملقاة على عاتقهم أوجبت تكليفهم وزراء خارجية دولهم لإيضاح خطورة الأمر لدولة قطر، وأهمية الوقوف صفاً واحداً تجاه كل ما يهدف إلى زعزعة الثوابت والمساس بأمن دولهم واستقرارها، وذلك فى الاجتماع الذى تم عقده فى دولة الكويت، بتاريخ 17/ 4/ 1435هـ الموافق 17/ 2/ 2014م، بحضور الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثانى، أمير دولة قطر، ووزراء خارجية دول المجلس، والذى تم خلاله الاتفاق على أن يقوم وزراء خارجية دول المجلس بوضع آلية لمراقبة تنفيذ اتفاق الرياض. وقد تلا ذلك اجتماع وزراء خارجية دول المجلس، فى الرياض، يوم 3/ 5/ 1435هـ الموافق 4/ 3/ 2014م، الذى تم خلاله بذل محاولات كبيرة لإقناع دولة قطر بأهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع اتفاق الرياض موضع التنفيذ والموافقة على آلية لمراقبة التنفيذ».
ومن هنا تأتى النتيجة بأن «جميع تلك الجهود لم تسفر عنها، مع شديد الأسف، موافقة دولة قطر على الالتزام بتلك الإجراءات، مما اضطرت معه الدول الثلاث للبدء فى اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من دولة قطر اعتباراً من هذا اليوم 4/ 5/ 1435هـ الموافق 5/ 3/ 2014م».
هذا البيان يكشف ثلاثة أمور: أولاً، قطر لديها تحالفات أهم لديها من انتمائها العربى أو الخليجى. ثانياً، قطر مخلب قِط لغير العرب ضد العرب، وسيكون عليها إثبات عكس ذلك بمراجعة مواقفها. ثالثاً، دول الخليج العربى الثلاث بدأت معركة لا بد من اصطفاف بقية الدول العربية معها فيها، سياسياً وإعلامياً، لتوضيح، وربما فضح، الدور السلبى الذى تقوم به قطر فى المنطقة.
نقلاً عن "الوطن"