معتز بالله عبد الفتاح
جاء على موقع جريدة «الوطن» بالأمس ما يلى:
«وجّهت الفنانة الاستعراضية فيفى عبده رسالة قصيرة عبر برنامجها، لكل مَن هاجمها بشأن تكريمها بجائزة الأم المثالية من نادى الطيران».
وقالت فيفى عبده: «بشكر كل من كرّمنى وكل اللى هاجمنى، وده تكريم من ربنا».
جدير بالذكر أن محمد بدوى، عضو مجلس إدارة نادى الطيران، نفى فى تصريح خاص لـ«الوطن»، علمه بتكريم الفنانة فيفى عبده، مشيراً إلى أن مسئول العلاقات العامة كرّمها دون علم من إدارة النادى، ووصفه بتصرف من شخص غير مسئول، وسيتم تحويله للتحقيق، إضافة إلى إيقافه عن العمل.
ثم جاء خبر آخر على موقع جريدة «الوطن» يقول: تتوسط بناتها الأربع على أريكة متسعة بالاستوديو، تتبادل الضحكات والمجاملات مع مذيعة قناة النيل للدراما، وتتلقى المكالمات الهاتفية من مشاهدين كلهن من الجنس الناعم يصفونها بـ«أجمل أم فى الدنيا»، فهذا كان التكريم الأول للأم المثالية «فيفى عبده» على الهواء مباشرة فى مارس 2010، ولكن لم ينَل هذه الضجة والانتقادات فى الرأى العام، مثلما حدث فى تكريم نادى الطيران لها منذ أيام.
هنا جوهر القضية:
أولاً، الفنانة فيفى عبده تراه تكريماً مستحقاً بعد رحلة «عطاء» من وجهة نظرها. وبحكم طبيعة مهنتها فهى اعتادت على أن يهاجمها من يريد أن يهاجمها.
ثانياً، هذا التكريم من الواضح أنه تكريم فردى قام به شخص استغل منصبه فى تكريمها دون موافقة أو علم مجلس إدارة النادى. ويظل هذا أقرب إلى المنطق حتى تظهر مفاجأة لا نعرفها حتى الآن.
ثالثاً، اعتبرت «الفنانة الاستعراضية» أن هذا «تكريم من ربنا»، وكأنها تقول: لأنه «لو شاء الله ما فعلوه» بمنطقها، وبالتالى لو تم سحب التكريم منها فسيكون أيضاً «من ربنا» بمنطقها.
رابعاً، الرأى العام المصرى اليوم يحركه الشباب الذى يرى أمامه أمهات لضحايا وشهداء سواء من الشرطة أو من المدنيين، وعنده ما يشبه اليقين أن هذا البلد يسير فى عكس اتجاه المنطق، لذا كان رد الفعل الآن أكثر حدة.
خامساً، هناك فجوة بين ما يظنه الإنسان فى نفسه وما يظنه الآخرون فيه. ربما ترى «الفنانة الاستعراضية» أن فى حياتها ما يستحق التكريم، ليس باعتبارها فنانة، ولكن باعتبارها «أُماً مثالية»، بل ربما هى تعتقد أن هذا التكريم سيكسر الصورة الذهنية السلبية عن مهنة الرقص الشرقى، وأن «الفنانة الاستعراضية» ليست فقط مقبولة اجتماعياً باعتبارها تجيد فن «تحريك الجسم» على أنغام الموسيقى، ولكن باعتبارها «شخصية عامة» تكرّم لعطائها فى مجال آخر هو بكل المعايير من أسمى المجالات وهو مجال «الأمومة».
لكن من وجهة نظر الكثير ممن لا يزال حسهم الأخلاقى يقظاً وفطرتهم سليمة، هناك مشكلة وهى أن رسالة تكريم «الفنانة الاستعراضية» باعتبارها «أُماً مثالية» تسبب مشكلتين على الأقل: المشكلة الأولى أن القبول القانونى والاجتماعى لمهنة «الفنانة الاستعراضية» لا يصل لدرجة القبول الأخلاقى والإنسانى للمهنة بالضرورة. المشكلة الثانية هى أن لقب «الأم المثالية» يرتبط فى أذهاننا بعطاء غير محدود وتضحية لم يكن لها مقابل شخصى وإنجاز هائل قامت به الأم من أجل خدمة مجتمعها.
كثيرون لا يرون أن هذه الشروط تنطبق على «الفنانة الاستعراضية».
كتب بعض الشباب على مواقع التواصل الاجتماعى بعضاً من أسبابهم لرفض هذا التكريم:
جاء فى أحد التعليقات: «محدش يقولى اضطرت ترقص، والبلد فيها 15 مليون امرأة معيلة طافحين الدم كل يوم عشان تكفى عيالها»، وهذا التعليق يفتح باباً لنقاش حول «الحلال والحرام» فى قضية «الفن الاستعراضى».
وقال تعليق آخر: «فلانة مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً زى ما انت شايف كدا»، وهى رسالة تقول إن هذا التكريم ليس مستغرباً.
وقال تعليق ثالث: «أنام وتسهرى... وتهزى وتسكرى. عن الأم المثالية أتحدث»، وهى إشارة واضحة للمفارقة التى يرصدها التعليق بين الصورة التقليدية للأم المثالية والصورة الذهنية التقليدية عن «الفنانة الاستعراضية».
إذن، هناك من أخطأ، وهناك من تلقى الخطأ بالرفض، وهناك من عليه أن يصحح الخطأ.