توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدوجماتى والديماجوجى يقتلان الديمقراطى

  مصر اليوم -

الدوجماتى والديماجوجى يقتلان الديمقراطى

معتز بالله عبد الفتاح

مصطلحات العنوان ظهرت لهدف، وهو وصف ظاهرة ما أو نمط سلوكى معين. ورغم أن العنوان لا يشجع على القراءة، فإننى أتصور أن بعض القراء الكرام لديهم من سعة الصدر ما يجعلهم يهتمون بمعرفة أصل الحكاية. ولنبدأ بالمصطلحات. الديمقراطى هو الذى يحتكم للشعب، مصدر السلطات، فى ضوء الدستور والقانون القائمين فى البلاد ووعوده التى قطعها على نفسه (أرجو إعادة قراءة «فى ضوء الدستور والقانون القائمين فى البلاد ووعوده التى قطعها على نفسه»). ومن حقه طبعاً أن يسعى إلى تغيير القانون والدستور إن كانا جائرين، والاحتجاج عليهما يكون بالأساليب السلمية المتعارف عليها عالمياً. أما الدوجماتى فهو من يلتزم بشكل جامد (من الجمود) بأيديولوجية (أى رؤية سياسية معينة) بحيث لا يقبل النقاش أو التطور، ويتخذها أداة ومعياراً لتقييم الآخرين أخلاقياً وليس سياسياً فقط؛ فالشخص الدوجماتى مستعد أن يحكم عليك بالخيانة والعمالة والجهل وكل الصفات (التى هى غالباً فيه أيضاً من وجهة نظر دوجماتية معارضة للتيار الأيديولوجى الذى يتبناه). أما الديماجوجى فهو من يعبئ الجماهير ويثير مشاعرها فى اتجاه سياسى معين حتى لو اضطر إلى استخدام الأكاذيب والمبالغات. الديماجوجى شخص يتاجر بمشاعر الناس وأحلامهم؛ يعرف أين ومتى سيعظمونه ويتحرك فى الاتجاه الذى يجعلهم يعشقونه دون أن يعشقهم هو. هل من الممكن أن تجتمع المصطلحات الثلاثة لوصف نظام حكم بعينه؟ الإجابة نعم، ولا. نعم لأنها يمكن أن تحدث فى لحظة زمنية بذاتها، ولكن هذه اللحظة لا يمكن أن تستمر طويلاً. ولنتذكر الاختيار الذى أقدم عليه الناخبون الألمان فى عام 1933 باختيار الحزب النازى فى انتخابات ديمقراطية حين وقعوا فريسة للدوجماتية والديماجوجية فى أبشع صورة لهما. ولأن الديمقراطية بطبيعتها تفترض الحوار والنقاش والاختلاف فى وجهات النظر، فما كان لها أن تستمر طويلاً فى ألمانيا. وطالما تم تغليب الدوجماتية والديماجوجية فلا مجال للمزيد من الديمقراطية لأن هاتين إن دخلتا من الباب خرجت الديمقراطية من الشباك. وكانت النتيجة حرباً عالمية قدر عدد من ماتوا فيها برقم بين 50 و70 مليون قتيل. وقد اقتربت الجزائر من لحظة جمعت هذه الثلاثية فى 1990 حين اختار قطاع واسع من الجزائريين «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». ولأن قيادات الجبهة كانت حديثة عهد بالديمقراطية ولا تعى قيمها فقد غلبتها الدوجماتية والديماجوجية ليقف أحد قياداتها (على بلحاج) معلناً انتصار حزبه ومعلناً أنه لن يقبل بعد ذلك حكم الديمقراطية لأنه يريد «حكم الإسلام»، وكأن الإسلام لا يعرف الديمقراطية ولا يحترم اختيارات الناس مع أن جوهر فكرة البيعة أنها الآلية التى كانت معبرة عن إرادة الأمة على عهد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وصحابته العظام (رضى الله عنهم).. كل ما فى الأمر أننا نغير الآلية ونحتفظ بجوهر الفكرة. رغماً عن الصعوبات التى واجهت الأشقاء فى تونس، فإن السيد راشد الغنوشى، زعيم حزب النهضة الإسلامى التونسى، لم يلجأ إلى الديماجوجية الدوجماتية وإنما سعى إلى تطمينات جيدة تؤكد أن قطاعاً من الإسلاميين وعى الدرس وفهم نقطة التلاقى بين جوهر الإسلام ودور الديمقراطية. وهو ما قاله فى مؤتمر ديفوس: «كان على حزب النهضة أن يختار بين السلطة أو الديمقراطية؛ فضحينا بالسلطة من أجل الديمقراطية». وهو تماماً عكس ما فعله الإخوان فى مصر حين اختاروا السلطة على حساب الديمقراطية. المصريون الآن فى موقف عليهم أن يتمسكوا فيه بالديمقراطية لأن الديماجوجيين والدوجماتيين لا يريدونها ديمقراطية. ومن أسف فإن الكثير من الممارسات الاحتجاجية التى يقوم بها الإخوان وأنصارهم لا تفعل أكثر من أنها تمد هؤلاء بمزيد من المبررات لقتل الديمقراطية. وكأنهم جميعاً تحالفوا من أجل العودة إلى الوراء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوجماتى والديماجوجى يقتلان الديمقراطى الدوجماتى والديماجوجى يقتلان الديمقراطى



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon