معتز بالله عبد الفتاح
كتب الأستاذ عماد الدين أديب مقالاً فى «الوطن»، أمس، بعنوان: «لقد وقع الضرر»:
(السمعة للأشخاص والهيئات والشركات والدول هى مسألة «انطباع» أو صورة «ذهنية» ليس لها علاقة بحقيقة أو كذب هذه الصورة.
مثلاً: حينما يتهم أبناء حى شعبى فتاة بسوء السلوك، فإن الضرر يكون بالفعل قد وقع، وذلك بصرف النظر عن حسن أو سوء سلوك هذه الفتاة.
الشىء ذاته حدث ويحدث منذ فترة مع الصورة الذهنية والانطباع الدولى الخاص بنظام حكم ثورة 30 يونيو فى مصر.
منذ ثورة يونيو وهناك جهد متصل يقوده التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين وتدعمه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى وتركيا وبدعم من قناة الجزيرة لترسيخ صورة النظام الحالى فى مصر على أنه يتسم بالصفات التالية:
1- أنه نظام انقلابى.
2- أنه نظام عسكرى غير ديمقراطى.
3- أنه نظام مغتصب للسلطة ومضاد للشرعية.
4- أنه يمارس السلطة من خلال سياسات القمع والاستبداد وليس من خلال الشرعية الثورية أو من خلال رضاء معظم الجماهير.
5- أن حجم المعارضة والاحتجاج أكبر من حالة الدعم والتأييد للنظام الجديد.
وقد ساعد على ترسيخ هذه الصورة الدعم المالى القوى لشركات التسويق السياسى والعلاقات العامة الدولية التى قامت بجهد مضاد ضد نظام ثورة 30 يونيو وضد المؤسسة العسكرية المصرية وشخص المشير عبدالفتاح السيسى.
أيضاً نحن نتحمل جزءاً كبيراً من المسئولية فى تشوّه صورة الحكم الحالى فى مصر بسبب مجموعة من الأخطاء فى الإدارة الخاصة بملف أسلوب مخاطبة العالم الخارجى وطريقة التعامل مع وسائل الإعلام الأجنبية.
ومما لا شك فيه أننا فى حالة غياب شبه كامل عن شرح حقيقة الثورة الشعبية العظيمة التى قام بها شعب مصر العظيم فى 30 يونيو، ونحن أيضاً فى حالة إهمال عن شرح حقيقة وقائع الإرهاب الممول والمسلح الذى يبتعد تماماً عن حق التظاهر أو الاحتجاج السلمى.
لقد وقع الضرر، وأصبحت الصورة المصرية فى الخارج غير مشجعة بل محبطة للتسويق السياسى، ولجذب الاستثمارات الخارجية أو لعودة السياحة.
أكثر هذه الأضرار هو رد الفعل السلبى الذى استقبل به العالم قرار المحكمة بإحالة أوراق 528 متهماً لفضيلة المفتى.
بالطبع لا يمكن لى أن أناقش حكماً قضائياً ولكن كان لا بد من شرح ومواكبة ملف هذه المسألة التى صدرت عنها احتجاجات دولية شديدة من واشنطن ولندن وباريس ومنظمات حقوقية، بالشكل الذى كشف الصورة الذهنية التى يراد بها أن تلطخ ثورة يونيو العظيمة.
الأخطر فيما حدث هو ترسيخ صورة أن المتهم فى مصر -الآن- لا يخضع لمحاكمة عادلة)..
انتهى الاقتباس المطول من مقال الأستاذ عماد.
وأعقّب بقولى: لقد كتبت فى أعقاب الثالث من يوليو 2013 بأن علينا أن نجرى استفتاء أو انتخابات رئاسية بسرعة. وكانت «السرعة» آنذاك متغيراً مهماً حتى لا يستطيع أى حاقد أو تافه أن يدعى أن موقف مؤسسات الدولة يدخل فى إطار «الانقلاب على رئيس منتخب». وكان هذا هو ما قاله المشير السيسى آنذاك فى الثالث من يوليو. لكن المعضلة أن دعاة «الدستور أولاً» أبدعوا كعادتهم وطلعوا لنا دستوراً هم أنفسهم غير راضين عنه بعد أن ضيعوا منا دستور 1971. وها نحن نعيش أزهى عصور المرحلة الانتقالية انتظاراً لما لا نعلم. وأوضحت آنذاك مخاوفى من أن شبكة التحالفات الدولية التى نتجت عن وصول الإخوان إلى السلطة ستحول مصر إلى «ملعب صراعاتها» مثلما فعل الأمريكان والروس فى الكوريتين وفيتنام وإيران والكونغو وشيلى وكوبا وحتى منطقتنا العربية. ومع معرفتى بقدراتنا الذاتية فى مؤسساتنا المختلفة فإننا لن نجيد إدارة الوضع الداخلى أو العلاقات الدولية.
وها نحن نخسر كل يوم، وسنظل نخسر ونخسر ونخسر. وكما قالت جدتى: «من خف عقله، تعبت رجليه».
شكراً أستاذ عماد، ولنا الله.
نقلاً عن جريدة "الوطن"