معتز بالله عبد الفتاح
عدد المساجد والكنائس فى مصر يصل إلى 100 ألف، وعدد المدارس، بكل أنواعها، فى مصر يصل إلى 50 ألفاً.
من المؤكد أن المدارس تعج بالتلاميذ للدرجة التى أصبح معها الارتقاء بجودة التعليم عصياً على القدرات المادية والبشرية المتاحة. وإذا كان المتوسط العام للتلاميذ فى الفصل على مستوى الجمهورية يدعو للقلق على جدوى أية جهود لإصلاح التعليم فإن التفاوتات بين المحافظات تجعل إصلاح التعليم فى بعض المحافظات أقرب إلى خيال علمى.
ظاهرة أخرى تتصل بالموضوع وتثير الانتباه، وهى معدلات النمو المرتفعة التى شهدها التعليم الأزهرى فى مصر. ففى السنوات العشر ما بين 2001/2002 و2011/2012 ارتفع عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية فى التعليم العام (التابع لوزارة التربية والتعليم) بنسبة 35%، مقابل 60% ارتفاعاً فى عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية فى التعليم الأزهرى. وفى مرحلة التعليم الإعدادى، ارتفع عدد مدارس التعليم العام بـ30% مقابل 61% للمعاهد الأزهرية، وفى مرحلة التعليم الثانوى ارتفع عدد مدارس التعليم العام بـ56% مقابل 79% للمعاهد الأزهرية. يضاف إلى ذلك أن جامعة الأزهر هى أكبر جامعة فى مصر من حيث عدد الطلاب، فقد وصل عدد طلابها إلى 269 ألف طالب فى عام 2011/2012، بزيادة قدرها 42 ألف طالب على جامعة القاهرة ثانى أكبر جامعة فى مصر من حيث عدد الطلاب.
إذا سلمنا بالتالى:
- المصريون يرون فى بناء دور العبادة طريقاً إلى الجنة.
- المساجد تستخدم استخداماً كاملاً فقط يوم الجمعة وفى صلاة التراويح.
- المدارس تكون مغلقة أيام الجمعة وأثناء صلاة التراويح.
- دور العبادة والمدارس يجب أن تقام فى أماكن التجمعات السكانية التى يرتفع بها سعر الأرض.
فى ضوء هذه المسلمات ألا يمكننا أن نبتكر تصميماً لمدارس تكون بها صالة متعددة الأغراض تُستخدم للأغراض الدراسية فى أيام الدراسة، وتتحول إلى مكان للصلاة أيام الجمع وأثناء صلاة التراويح، يدخل بها المتبرعون الجنة وفى نفس الوقت يتقدم التعليم خطوات إلى الأمام. هل يمكن أن نفكر فى إنقاذ منظومة التعليم الذى نُصر دائماً على أنه المشروع القومى بأساليب غير تقليدية؟ اقتراح أضعه تحت تصرف الهيئة العامة للأبنية التعليمية وأمام مؤسسات المجتمع المدنى. كما أضعه أمام وزارتى التعليم والأوقاف إذا ما اتسع صدرهما للتفكير خارج الصندوق.
وأؤكد أنه فى ضوء الوضع المتردى للتعليم فى مصر وفى ضوء الزيادة السكانية التى حدثت فى السنوات الأخيرة والمتوقع حدوثها فى السنوات المقبلة، فإن مصر بحاجة ماسة لتطبيق أفكار غير تقليدية فى التعليم. وبالإضافة إلى الفكرة، التى ذكرت لتعظيم العائد التنموى للمشاعر الدينية، فإن هناك أفكاراً عديدة ينشرها من وقت لآخر خبراء تستحق نظرة جدية من القائمين على التعليم.
فقد كتبت وكتب غيرى عن استخدام تكنولوجيا المعلومات فى التعليم بشكل جرىء ودون تردد. وأقصد هنا بأسلوب عام 2020، وليس بالأسلوب الذى كان مستخدماً عام 1980. فالهدف ليس إضافة معمل كمبيوتر به 20 جهاز كمبيوتر مكتبياً فى مدرسة بها 500 تلميذ، وتعيين أمين معمل يكون وظيفته المحافظة على العهدة للدرجة التى تحد من استخدام التلاميذ للكمبيوتر، ولكن ما نريده هو جهاز تابلت لكل تلميذ يقيم فى قرية فقيرة، عليه تطبيقات تعليمية بأسلوب مشوق، يُكرس التعلم النشط ويطلق العنان للفضول العلمى، ينطلق كل تلميذ من خلاله إلى تنمية مواهبه، التى تختلف من تلميذ إلى آخر. إن مصر ستكون مجبرة على استبدال المنظومة الحالية بمنظومة تعتمد على التعليم الذاتى بواسطة أجهزة التابلت، ولكن ومع الأسف لن يحدث هذا إلا بعد أن يطمئن المجتمع أنه تم تجريبها بنجاح فى كل دول العالم، وبعد أن تصبح مصر الدولة قبل الأخيرة فى استخدام التابلت فى التعليم، لنؤكد أننا نستحق عن جدارة لقب الدولة الأولى فى المؤشر الدولى للفرص الضائعة.
هذا مما قاله الدكتور ماجد عثمان فى برنامج «باختصار» وكتبه لاحقاً فى جريدة «الشروق». والسؤال: هل من مرشحى الرئاسة من يستفيد ويفيد؟
"نقلًا عن جريدة الوطن"