معتز بالله عبد الفتاح
أيوة ابتسامة عريضة.. أكثر شوية.. أيوة.. قل ثلاث مرات: أنا ما تجننتش، أنا لسة بعقلى، أنا ما تجننتش، أنا لسة بعقلى، أنا ما تجننتش، أنا لسة بعقلى.
ياللا بسم الله الرحمن الرحيم....
قرأت فى ما يقرأ النائم أن جماعة الإخوان المسلمين، المصرية، فى بيان لها بخصوص الأوضاع فى العراق الشقيق قالت إن «الحكومة هى أكبر المسئولين الآن عن الاستماع لصوت المعارضة والدخول فى حوار وطنى متكافئ، والاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة، والحفاظ على وحدة البلاد.
وإننا فى الوقت الذى ندعو فيه للحوار والوفاق والوحدة والبناء، لنُعبِّر عن عظيم أسفنا واستنكارنا للأسلوب الذى تتبعه الحكومة فى استخدام العنف مع المتظاهرين والمعتصمين السلميين الذى يُسْقِط الكثير من الأبرياء قتلى وجرحى، لأن هذا ما يرفضه الإسلام والإنسانية، فالقتل من أكبر الكبائر (ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ وأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).
وليس بهذا الأسلوب تُساس الشعوب ولا يتحقق الأمن والإصلاح (ولا تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا وادْعُوهُ خَوْفاً وطَمَعاً إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ) صدق الله العظيم».
قبل ما تقرأ السطور التالية، خذ نفساً عميقاً، أيوة. اضحك. ابتسامة عريضة، أكثر شوية. فكر معى لمن يوجه الإخوان هذا البيان: لحكومة شعب العراق الشقيق أم لحكومة شعب مصر الشقيق؟
حكومة المالكى فى العراق لا تعرف من الديمقراطية إلا الفوز فى الانتخابات، كمن يعرف كيف يدير موتور السيارة ولكنه لا يعرف كيف يقودها، ولدينا فى مصر مشكلة مشابهة ولو بدرجة أقل.
خذ نفساً عميقاً، مع ضحكة بسيطة، فكّر معى:
أولاً، الدعوة للاستماع لصوت المعارضة والدخول فى حوار وطنى متكافئ (آه والله العظيم متكافئ).
ثانياً، الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة والحفاظ على وحدة البلاد.
ثالثاً، استنكار أسلوب العنف الذى تتبعه الحكومة فى استخدام العنف مع المتظاهرين والمعتصمين السلميين. والقتل من أكبر الكبائر.
رابعاً، حوار، وفاق، وحدة، بناء وليس بهذا الأسلوب تساس الشعوب ولا يتحقق الأمن والإصلاح.
طلع النفس اللى انت أخذته من شوية، وفكر معى: أكيد فيه مشكلة يا جماعة. طيب لماذا لا ترسل «الجماعة» رسالة لـ«الجماعة» وللرئاسة المصرية بشأن نفس هذه القضايا؟
أتفهم أن المعارضة المصرية، وليس كلها جبهة الإنقاذ الوطنى، مبعثرة وبعض مطالبها غير منطقية، ولكن حين يقف الإخوان ومن يوالونهم تقريباً وحدهم، ويقف فى معارضتهم الكثيرون نتيجة لسياسات خطأ ووعود لم تنفذ وضعف فى عملية ترشيد القرار السياسى وتواضع فى التسويق السياسى إذن النصيحة التى توجه إلى الرئاسة المصرية أولى من تلك التى توجه للقيادة العراقية.
أعلم أن ما يواجهه العراق يختلف عما تواجهه مصر. وهى قضية ذكرتها فى كتاب لى عن المسلمين والديمقراطية أوضحت فيه أن الدولتين العربيتين اللتين يمكن لهما أن تشهدا تحولاً ديمقراطياً لا يترتب عليه تهديد لوحدة الدولة وسيادتها هما مصر وتونس. أما بقية الدول العربية، فالسبيل الأمثل لتحقيق التحول للديمقراطية فيها، هو فقط من خلال الإصلاح الداخلى عبر خطوات إجرائية تدريجية تتخذها السلطة الحاكمة. ولكن هذا أيضاً لا يعنى السكوت عن المظالم وانتهاكات حقوق الإنسان فى الدول العربية المختلفة.
الحقيقة أن المسألة فعلاً معقدة، وأن نوعية القيادات التى تتولى السلطة فى مراحل ما بعد التحول الديمقراطى تكون هى المتغير الأهم فى تحديد مسار هذه العملية. هناك دول كانت محظوظة بقياداتها سواء فى الحكم أو المعارضة، وهناك دول شهدت نخباً سياسية تعانى من مراهقة سياسية متأخرة ومصابة باضطرابات النرجسية التقليدية التى كان يتحدث عنها «فرويد»، والتى تجعل كل سياسى يظن أنه محور الكون، وينسى أن وراءه ملايين بحاجة لترى إنجازاته وليس عناده.
أرجو من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر أن تطلب من الرئيس المصرى مثلما طلبت من القيادات العراقية. الرئيس المصرى أخطأ كثيراً فى إشاراته لمن اعتبرهم متآمرين عليه، وكان الأولى به أن يترفع عن ذلك. ومن يخطئ يعاقب، ولهذا طالبته فى مقالى، السبت الماضى، بأن يرعى مؤتمراً للأمن والعدالة والمصالحة.
نقلاً عن جريدة الوطن