توقيت القاهرة المحلي 10:59:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر وعولمة الإرهاب (2-3)

  مصر اليوم -

مصر وعولمة الإرهاب 23

عمار علي حسن

كانت هجرة متطرفين إلى خارج مصر ابتداءً من أواخر ثمانينات القرن العشرين تستهدف تحقيق «التمكن» الذى لم يكن من المتاح الوصول إليه فى مصر نفسها، نظراً ليقظة الأجهزة الأمنية وصرامة السلطة الحاكمة فى التعامل مع أى جماعات خارجة على القانون، وبعد ذلك تأتى مرحلة «الفتح»، الذى يعنى دخول أعضاء هذه الجماعات إلى مصر فاتحين على غرار الفتح الإسلامى الأول فى محاولة إعادة إنتاج حدث تاريخى بشكل تبسيطى لا يخلو من سذاجة كبيرة.

ومن ثم يمكننا فهم سر إطلاق تنظيم الجهاد على العناصر التى دفع بها إلى مصر فى عقد التسعينات من القرن الماضى لاغتيال بعض رموز السلطة السياسية وضرب السياحة اسم «طلائع الفتح»، وهى خلايا كانت تعمل تحت قيادة أيمن الظواهرى.

لكن العوامل القديمة التى أسهمت فى إيجاد مسألة «الهجرة» لم تلبث أن رشحت على هذا التفكير، وكان من الصعب أن ينسلخ تنظيم الجهاد المصرى تماماً عن الأطراف التى أسهمت فى تشكيل حركة عناصره إلى الخارج، وتحديداً إلى أفغانستان. ومن ثم ما إن خرجت القوات السوفيتية من هذا البلد ونشبت حرب أهلية بين فصائل «المجاهدين» حتى وجد «الراديكاليون الإسلاميون»، الذين انضووا تحت مسمى عريض هو «الأفغان العرب» أنفسهم موزعين على تكتيكات واستراتيجيات أطراف إقليمية ودولية، بعضها استخدم الهاربين من قيادات الجماعات المتطرفة أوراقاً فى يده يناور بها الحكومة المصرية، وفى مقدمة هذه الأطراف تأتى الولايات المتحدة، التى تردد أنها أجرت اتصالات مع قيادات من «الإخوان المسلمين» و«الجماعة الإسلامية»، إبان فترة العنف الأخيرة والعصيبة التى مرت بها مصر، وامتدت من 1989 إلى 1997.

وبعض هذه الأطراف عوّل على هؤلاء فى تحقيق أهداف بعيدة المدى تخص إقامة «أممية إسلامية»، مثل ما هو حال السودان طيلة عقد التسعينات. بالإضافة إلى ذلك استفاد بعض الهاربين من بين من حاربوا فى أفغانستان من قوانين اللجوء السياسى فى دول أوروبا، وحصل كثيرون على فرص عمل فى بلدان عربية خليجية وغير عربية، ووجد آخرون فى بؤر الصراعات المسلحة، أو ما يطلق عليها «البؤر الملتهبة»، فى البوسنة والهرسك، وكوسوفا، والشيشان، وكشمير، وطاجيكستان، والفلبين، مأوى بعد أن أوصدت مصر أبوابها أمامهم، إثر صدور أحكام غيابية عليهم تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة، باعتبارهم ارتكبوا جرائم.

وهذه الأحوال أدت إلى توزع قطاع من تنظيم الجهاد المصرى على دول عديدة انتفاعاً من التعاون مع أجهزة استخبارات تارة، ووجود عناصر قادرة على تزوير الأوراق الثبوتية كافة، وتوافر جهات قادرة على التمويل دوماً.

وأسهمت الطفرة الهائلة فى وسائط الاتصالات فى ربط هؤلاء جميعاً بمراكز قيادة فى الخارج، وعناصر قيادية داخل مصر نفسها، فى حين أسهم التقدم الملموس الذى شهدته الأعمال المصرفية فى إتاحة فرص كبيرة لتحويل الأموال وغسيلها، من أجل دعم عمليات إرهابية أو دفع مقابل لمتعاونين وأعضاء فى هذه التنظيمات، أو الإنفاق على أسرهم سواء فى الداخل أو فى الخارج. كما وفرت شبكة «الإنترنت» وسيلة إعلامية رخيصة وسهلة أمام هذه التنظيمات لتصدر صحفها ومجلاتها وبياناتها المتتالية.

ولاستعمالها ما جادت به الحداثة فى أعلى صورها، تمددت التنظيمات المتطرفة والإرهابية بوجه عام لتصبح جزءًا من صور العولمة، واستكملت هذا «التعولم» بمنازلة أمريكا فى 11 سبتمبر فى معركة، إن لم تكن متكافئة على الإطلاق، فإنها تظهر المستوى الذى وصلت إليه الجماعات الراديكالية الإسلامية ذات البُعد الدولى فى التنظيم والتخطيط والتنفيذ من جهة، والرغبة الواضحة فى طرح نفسها بقوة على الخريطة السياسية الدولية من خلال «أجندة» موجهة أساساً ضد واشنطن ومعها تل أبيب، من جهة ثانية.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وعولمة الإرهاب 23 مصر وعولمة الإرهاب 23



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon