فاروق جويدة
كنت دائما ومازلت أحب الطرق الصوفية واتتبع رموزها عبر العصور المختلفة ابتداء برابعة العدوية وابن الفارض وابى الحسن الشاذلى وابن عربى وان اختلف هؤلاء جميعا فى المنهج والطريق ..
كانت رابعة تنتمى الى مدرسة التسليم للخالق سبحانه وتعالى حبا فى ذاته وليس طمعا فى جنته او خوفا من ناره .. فى حين كان ابن عربى يميل الى مدرسة التأمل الذى يقترب احيانا من مناطق تجريد الأشياء وكان ابن الفارض متصوفا على طريقته فى اعتزال الناس أما أبى الحسن الشاذلى فقد كان صاحب طريقة انتشرت فى كل البلاد الإسلامية ولها روادها ومحبوها .. هناك مناطق اخرى عند الصوفية تتداخل فيها المشاعر بين ذات الخالق سبحانه وتعالى ومخلوقاته ومنها البشر .. وقد تصل درجة التوحد بين الذات الإلهية والذات البشرية الى درجة الإنصهار فتصبح الحبيبة هى العشق الإلهى واليقين والإيمان المجرد .. ويحلق الصوفية فى مناطق وصلت بالبعض الى اتهامهم بالكفر كما حدث مع ابن عربى او ما اصاب الحلاج .. ولأن الصوفية يحلقون فى الكون بلا حدود فإن البعض يأخذ عليهم انهم كثيرا ما تجاوزوا فى الخلط بين ذات الخالق سبحانه فى علاه وذوات البشر فى الإعتقاد والتسليم لرموز الصوفية الكبار .. والصوفية من اكثر المناطق أمنا فى الإسلام فليس لهم فى السياسة وليس لهم فى الاجتهادات المغرضة والفلسفات الغامضة وايضا هم محبون لرسول الله عليه الصلاة والسلام وآل بيته .. وكانت الصوفية من اكثر الطرق التى نشرت الإسلام فى افريقيا وآسيا بل فى دول اوروبا وإذا كان الإسلام قد انتشر فى بداية عهده بالغزوات فإن الطرق الصوفية نشرت الإسلام بالمحبة واللجوء الى الخالق سبحانه والتسليم بإرادته..ومن اراد ان يواجه التطرف والإنقسامات فى صفوف المسلمين فعليه بالصوفية فهم احباب الله وعشاق لآل بيت رسول الله ولعل هذا ما جعل ابن الفارض يقول كل من فى حماك يهواك لكن انا وحدى بكل من فى حماكا ..او حين قال شوقى عن الرسول عليه الصلاة والسلام مدحت المالكين فزدت قدرا وحين مدحتك اجتزت السحابا .
"الأهرام"