فاروق جويدة
لا احد ينكر أهمية ودور تركيا كدولة محورية مؤثرة على مستوى العالم وليس فقط المنطقة العربية والاتحاد الاوروبى ووسط آسيا..
هى دولة صاحبة تاريخ وحضارة وخلفها شعب استطاع يوما ان يصنع واحدة من اكبر الإمبراطوريات في التاريخ..
وفى الأيام الأخيرة شهدت تركيا تغيرات حادة في خريطتها السياسية بعد ان خسر حزب الحرية والعدالة الحاكم جزءا كبيرا من شعبيته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة..
ولا شك ان هناك انقساما كبيرا حول شخصية الرئيس التركى رجب طيب اردوغان..
فهو إنسان يبالغ في طموحه ويحاول ان يستعيد صورة السلاطين الثمانين ابتداء بالزعامة وانتهاء بالقصر مروراً على طقوس عثمانية قديمة في الازياء والجنود والحراس ..
ولكن الأهم من ذلك ان الرجل كان يسعى إلى تغيير الدستور بما يعطيه صلاحيات اكبر لكى يكون أكثر ديكتاتورية واستبداداً ..
والواقع ان هذه الفرصة قد ضاعت منه ويبدو انها لن تعود في ظل أغلبية في البرلمان تعطيه الحق في السلطة ولكن بغير استبداد ..
ان النموذج العثمانى الذى راود الرئيس اردوغان وعبث في خياله وأصبح اكبر أحلامه غير قابل للتنفيذ في عالم تغيرت فيه أشياء كثيرة أمام القوى السياسية ومناطق النفوذ..
لقد كان الخلاف كبيرا حول شخصية أردوغان ابتداء بأسلوبه وغروره وتعاليه على الطريقة التركية القديمة وانتهاء بالقصر الذى جمع الف غرفة وكأن السلطان سليمان قد عاد مرة أخرى إلى مسلسل حريم السلطان..
لا احد يعلم لماذا أقحم الرئيس اردوغان نفسه في الشأن المصرى بهذه الدرجة وجعل المصريين ينقسمون حول سياسة تركيا تجاه مصر..
هل كانت لديه أحلام ان يصبح خليفة المسلمين في شراكة او صفقة مع الإخوان المسلمين هل كان يتصور ان الإمبراطورية العثمانية سوف تدق بجيوشها المشرق العربى مرة أخرى وتجتاج العراق وسوريا ولبنان والأردن وبقية العواصم العربية؟..
ان أحلام اردوغان التوسعية هى التى جعلت الكثيرين يشمتون فيه خاصة انه تطاول واخطأ وحمل الشعب التركى الكثير من تجاوزاته..
ان اردوغان لم يسقط حتى الآن كما تخيل البعض ولكن المؤكد ان رصيد أحلامه قد انخفض كثيرا وبدأت رحلة الخريف في مسيرة الرجل.