فاروق جويدة
بقيت محنة الدولار تطارد الاقتصاد المصرى فى كل العصور ما بين أحلام الاشتراكية ومأساة الانفتاح وجرائم الخصخصة ولم تستطع الحكومات فى كل هذه المراحل ان تقدم حلولا لهذه المأساة التى بقيت تطارد المصريين فى كل الحالات.. وفى الأيام الأخيرة اشتعلت أزمة الدولار أمام ثلاثة أسباب واضحة أولها السياحة المصرية التى تراجعت بصورة رهيبة وهى تمثل واحدا من أهم موارد النقد الأجنبى للاقتصاد المصرى فقد وصلت فى فترة من الفترات إلى 14 مليار دولار..السبب الثانى فى الأزمة هو ما حدث فى أسعار البترول وما تركه من ظلال على موارد قناة السويس وقد تجاوزت فى مرحلة من المراحل 5 مليارات دولار..
اما السبب الثالث فهو ما حدث لمدخرات المصريين العاملين فى الخارج وما قامت به مكاتب الصرافة التابعة للإخوان المسلمين فى الدول العربية، حيث قامت بشراء كميات كبيرة من الدولارات أشعلت السوق المحلى وهذه المدخرات تجاوزت أحيانا رقم 20 مليار دولار..ان هذا يعنى أننا أمام ما يقرب من 40 مليار دولار وهو رقم كبير بكل المقاييس وقد ساعدت على ذلك حالة الفوضى التى عمت أسواق النقد أمام جشع التجار والمضاربات وتراجع الكثير من الأنشطة الاقتصادية..والغريب فى الأمر ان سعر الدولار كان دائما يترك آثاره على كل شىء فى مصر ابتداء باستيراد السلع الرئيسية وانتهاء بأسعار الخيار والبامية والبطيخ وكل انواع الفاكهة..ان الأزمة الحقيقية فى سعر الدولار جاءت بعد أحداث ثورة يناير وعمليات تهريب الأموال التى شهدتها مصر وتقدر بالمليارات ولا احد يعرف كيف خرجت وما هى الجهات التى شاركت فى هذه الجريمة..
منذ سنوات شهد الجنيه المصرى مذبحة ضارية أمام الدولار حين تقرر رفع سعره ليصبح 7 جنيهات بدلا من 3٫5 جنيه ويومها حقق عدد من الأشخاص أرباحا خيالية فى ليلة واحدة والآن يستعد البعض لإجراء مذبحة أخرى تحمل شعار تعويم الجنيه المصرى دون النظر إلى نتائج هذا القرار فى الديون والأسعار والسلع والواردات ومستويات الدخول..مازالت مصر لدى البعض تمثل البقرة الحلوب رغم أنها ضعفت واستكانت ولم تعد تتحمل جبروت بعض الأبناء..ارحموها بقي..وارحمونا كمان.