فاروق جويدة
من حقنا أن نشجع السياحة فى شرم الشيخ وان يذهب القضاة والفنانون وتقام الأفراح والليالى الملاح فى المدينة الجميلة على شواطئها الزرقاء .. من حقنا ان نطوف شوارعها بالموسيقى والغناء وان نقيم الحفلات .. ولكن .. أليس من واجبنا قبل ان نفعل ذلك كله أن نحزن ولو قليلا على هؤلاء الذين ماتوا على أرضنا وتناثرت أشلاؤهم فوق ترابنا وبينهم الأطفال والشباب والشيوخ .. أليس من واجبنا أن نقدم العزاء للشعب الروسى فى أبنائه وضحاياه.
كان ينبغى ان يسافر وفد مصرى رسمى لكى يقدم واجب العزاء يضم عدداً من كبار المسئولين وكان ينبغى ان يسافر وفد شعبى يمثل المصريين جميع المصريين إلى اسر الضحايا وكان ينبغى ان يحتفى الإعلام و تعلن مصر حداداً رسميا على هؤلاء الضحايا الذين ماتوا على أرضنا .. لقد احتفلت مصر الشعبية والرسمية بضحايا باريس وهذا سلوك حضارى ان يتلون اكبر اثر مصرى وهو الهرم الأكبر بالعلم الفرنسى .. ألم يكن احق بهذا العمل هؤلاء الذين ماتوا فى حادث الطائرة على ارض سيناء.
كان ينبغى ان يوضع شريط اسود على فضائيات مصر يوما أو يومين ولكن ضاعت منا كل هذه الأشياء ونسينا فى زحمة الاشياء ابسط أصول المجاملة رغم أننا شعب مجامل، لقد ارتبكت كل المواقف بعد ان قررت روسيا وقف رحلات الطيران وسحب السياح الروس واتخاذ هذا الموقف العصبى المتشدد من مصر..وحتى لو حدث ذلك فإن إكرام الضحايا كان أمراً واجبا علينا..نحن شعب علم الدنيا كلها الأصول فى كل شىء..فقد عبدنا الله سبحانه قبل ان تهبط الرسالات وكرمنا الموتى فى أعظم وأفضل صور التكريم وأقمنا لهم المقابر التى تحدت الزمن والأيام وآمنا بالآخرة والحساب ولم ننس طعام الراحلين وأشياءهم فى مقابرهم ونحن الشعب الوحيد فى العالم الذى يكرم الموتى وينسى الأحياء..لقد كانت سقطة من الجميع شعبيا ورسميا وعلى كل المستويات ان نجمع أشلاء 224 سائحا زاروا بلادنا حبا ثم نودعهم فى أكياس البلاستيك دون كلمة وداع تليق..هذه كلمة حق حتى لو جاءت بعد فوات الأوان
نقلاً عن "الأهرام"