فاروق جويدة
الجريمة البشعة التى شهدتها منطقة العجوزة وراح ضحيتها 18 شخصا ماتوا جميعا مختنقين فى ملهى ليلى تضع امامنا تساؤلات كثيرة حول تجاوزات سكتت عليها أجهزة الدولة بكل مستوياتها..هذه الكارثة تؤكد ان الفساد لم يعد فقط فى جهات عليا مسئولة ولكنه امتد إلى سلوكيات الشارع المصرى بكل فئاته وطوائفه الاجتماعية..ان الشباب الذين اتهموا فى هذه المأساة لا تزيد أعمارهم على 20 عاما وربما اقل.
اى أنهم من سلالة شهيرة اسمها أطفال الشوارع وهؤلاء يعانون من ظاهرة خطيرة ومدمرة اسمها المخدرات..وان الرقابة الأسرية اختفت تماما وانتهى دور الأسرة التى كانت تحاسب وتعاقب هذا اذا كانت هناك أسرة بالفعل..على جانب اخر كيف يقام ملهى ليلى فى هذه المنطقة المزدحمة بلا نوافذ ولا ضمانات للحماية لأن هذا الملهى كان جراج سيارات وتحول إلى مكان مشبوه دون رخصة اى انه وكر فساد فى منطقة سكانية محترمة.
وأين الرقابة على مثل هذه الأنشطة سواء الرقابة الأمنية أو الإدارية وأين المحافظة التى يتبعها هذا الوكر ومن منحه حق العمل..الأخطر من ذلك إذا كان الملهى المشبوه بدون نوافذ وبدون رقابة فأين اجهزة الوقاية من الحرائق والكوارث..كان من الممكن ان يكون احتراق هذا الملهى سببا فى دمار المنطقة بالكامل فهو يقع فى قلب حى سكنى مزدحم ومكدس بالبشر والعمارات القديمة..ان هذه الكارثة تضعنا جميعا مواطنين ومسئولين أمام حقائق مزعجة.
نحن أمام شباب ضائع والمطلوب مع تحقيقات النيابة والشرطة ان يكون هناك بحث اجتماعى عن أسباب هذه الظواهر الإجرامية..لان هذا نوع آخر من الإرهاب ان احراق 18 شخصا فى مثل هذه الكارثة يستحق الإحاطة بها كظاهرة اجتماعية تعكس هذا العنف الرهيب الذى يهدد الإنسان المصرى.
من اين جاء هؤلاء وأين يعيشون وما هى الظروف العدوانية التى خرجوا منها..وبعد ذلك لا بد من سؤال الأجهزة المسئولة عن تصاريح هذه المنشآت الغامضة التى تمارس أنشطة غامضة وكيف لا تخضع لأى نوع من المتابعة أو الرقابة والحساب..فى مأساة العجوزة إدانة لأطراف كثيرة..إنها إدانة للمجتمع الذى اخرج هذه النماذج الإجرامية الخطيرة..وإدانة للأسرة اذا كانت هناك أسرة وإدانة لأجهزة إدارية فاسدة.
نقلاً عن "الأهرام"