بقلم فاروق جويدة
لا أحد يعلم عدد الألغام التى تركتها الحرب العالمية الثانية فى منطقة العلمين والساحل الشمالى المصرى هناك أرقام تبدأ من 8 ملايين لغم وأخرى تزيد على 27 مليون لغم والرقم الوحيد المؤكد ان القوات المسلحة المصرية قد أزالت 3 ملايين لغم بتكلفة وصلت 27 مليون دولار..وقد بقيت هذه المأساة فى أدراج المسئولين فى مصر سنوات تجاوزت 60 عاما لم تستطع الدولة المصرية فى أى وقت ان تتخذ موقفا حاسما مع دول الاتحاد الأوروبى لكى تقوم بتمويل هذه العملية كواجب إنسانى وتاريخى واقتصادى..كانت المبالغ التى حصلت عليها مصر فى هذه الكارثة ضئيلة للغاية لا تتناسب مع المخاطر التى تحيط بهذه المنطقة حتى إنها وحدها تضم 20% من الألغام المزروعة فى العالم كله..وقد قرأت أخيرا أن د.سحر نصر وزيرة التعاون الدولى بدأت مفاوضات مع الاتحاد الأوروبى حول هذه المأساة ولو نجحت الحكومة الحالية فى هذه المهمة فسوف تدخل التاريخ من أوسع أبوابه فقد كانت قضية الألغام من اخطر القضايا التى ثار حولها جدل كبير ما بين مؤسسات الدولة المصرية والعالم الخارجى..لا أعتقد ان الدولة المصرية قد أخذت هذه القضية بالجدية المطلوبة ورغم العلاقات التاريخية بين مصر والاتحاد الأوروبى فإن الدول الغربية لم تكن يوما جادة فى إزالة هذه الحقول من الألغام كما ان الدعم الأوروبى كان هزيلا للغاية واكتفت الحكومات المتعاقبة فى مصر بطرح القضية ومناقشتها دون الوصول إلى حلول حقيقية..فهل تستطيع وزيرة التعاون الدولى ان تضع هذه المأساة فى مكانها الصحيح..هناك مليون فدان يمكن استصلاحها فورا فى الساحل الشمالى ومنطقة العلمين إذا أزيلت هذه الألغام وهناك ثروات طبيعية كثيرة ابتداء بالغاز والبترول حرمتنا الألغام من الوصول إليها وهناك آلاف الضحايا ماتوا أو أصيبوا وفقدوا بعض أجزائهم من هذه الألغام..وقبل هذا كله فقد حرمت حدائق الموت استثمار هذا الجزء العزيز من الوطن سنوات طويلة وهى مناطق تمتد عليها الشواطئ ويمكن ان تقام عليها اكبر مشروعات للطاقة الشمسية..إن ألغام الساحل الشمالى واحدة من اخطر الكوارث التى تركتها العهود الماضية.