فاروق جويدة
قالت : زوجى يكره ثقافتى ويريدنى امرأة بلا عقل .. انه لا يتحمل الحوار معى حتى فى القضايا اليومية التافهة ..
ان زوجى رجل عملى يملك اموالا كثيرة وكل دقيقة عنده يحسبها بسعر الدولار والإسترلينى والشكل.. والغريب انه يحرض ابنائى على اسلوبه فى الحياة..هو لا يقرأ فى الصحف غير العناوين واخبار البورصة والاستثمارات وهو يضارب فى كل شىء ويعتقد ان قيمة الإنسان بما يملك..وانا نشأت فى بيئة ثقافية كان والدى قارئا ممتازا رغم انه كان يحترف مهنة الطب..حاولت كثيرا ان اشجع زوجى على حب الثقافة ولكنه يرى ان هذه تفاهات وتضييع للوقت..لماذا يحتقر الرجل الشرقى عقل المرأة لماذا يراها دائما متعة او تسلية او مجرد ممرضة حين تقتحم الشيخوخة حياته ..
قلت : هناك قيم تحكم سلوكيات البشر..وهذه القيم تخضع للتربية والنشأة والمناخ الذى عاش فيه الإنسان..وإذا كانت هناك جوانب تحكم السلوك من حيث الأهمية والقيمة فإن المال فى احيان كثيرة يأتى فى مقدمة الأشياء ولكن هناك جوانب اخرى لا يمكن تجاهلها ومنها الثقافة والفكر والفنون والقدرة على التذوق والإحساس بالجمال فى بعض الأحيان وفى كثير من الحالات يطغى المال على كل شىء فلا يرى الإنسان متعة غيره..انه يعجز ان يرى زهرة جميلة او يسمع اغنية او يقرأ كتابا انه دائم التفكير فى ارصدته وحساباته..وفى السنوات الأخيرة طغى الجانب المادى على حياة الناس بل انه اصبح المقياس الأهم للتمييز بين البشر .. اننا الآن نقيم الإنسان بدفتر شيكاته وليس بعدد الكتب التى قرأها والثقافة التى تحصل عليها..والشىء المؤسف ان الأجيال الجديدة سارت فى هذا الطريق واغرقت نفسها فى تفاهات وسائل الاتصال الحديثة ومع تراجع المستوى الثقافى والفكرى لدى الناس كان الاهتمام الأكبر كيف يحصل الإنسان على مزيد من المال..من حق زوجك ان يفكر كيف يزيد حجم ارصدته فى البنوك ولكن ليس من حقه ابدا ان يحتقر عقلك كما تقولين لأن عقلك هذا يساوى كل اموال الدنيا ..انا شخصيا اخاطب المرأة دائما من عقلها وحين تصبح الثقافة عيبا فهذا هو الجنون.