فاروق جويدة
أصبح من الصعب ان اتحمل صراخ وحوارات ومعارك برامج التوك شو كل ليلة على الفضائيات المصرية، وفى تقديرى أنها موضة وصلت الى آخر مراحلها ولا بد من البحث عن بدائل ..
احاول ان اهرب كل ليلة من هذا الصخب المجنون لأنه لا يضيف للعقل شيئا وليس فيه من متع الحياة اى شىء.. اتسلل بين القنوات واجد نفسى امام سيدة الغناء العربى وانا والله عاتب على الإعلام المصرى ووزيرته د. درية شرف الدين لأن حالة الخصام بين القنوات المصرية وام كلثوم قد طالت وامتدت ولا اجد سببا لذلك حتى القنوات الخاصة تستطيع ان تشاهد ام كلثوم على إحدى قنوات روتانا التى تخصصت فى تقديم الفن الجميل .. اهرب الى ام كلثوم واعيش معها .. واتذكر هذه الكوكبة التى اضاءت الوجدان المصرى من يصدق ان يجتمع مع ام كلثوم هذا الفريق الفنى المبدع عبد الوهاب و السنباطى ورامى والقصبجى وزكريا احمد وبليغ حمدى والموجى وسيد مكاوى وكمال الطويل واحمد شفيق كامل ومأمون الشناوى وعبد الوهاب محمد والأجمل وانت تحلق مع صوت ام كلثوم ان تشاهد الجمهور المصرى الجميل وكأنهم فى مواكب صلاة..ثلاثية جميلة اجتمعت فى وقت وزمان واحد صوت عبقرى وألحان سماوية وكلمات رفيعة ومع هذا كله الجمهور الراقى البديع..هذه الثلاثية الفن والزمن والجمهور هى التى صنعت هذا الوجدان الرفيع الذى امتد من ربوع مصر ليحلق فى سماء العالم العربى كله.. حين قدمنا الفن الجميل وقف الخلق كل الخلق امام عبقرية الإبداع وحينما جنحت بنا الأيام وانزلقنا فى سراديب الفن الهابط والإسفاف القبيح تخلى الجميع عنا وقالوا ليست هذه مصر التى احببنا ولا هذا فنها الرفيع.. ينتصف الليل واترك نفسى لصوت ام كلثوم احاول ان اطهر وجدانى مما علق به من دخان الشوارع وصراخ الفضائيات وشوائب القبح وصخب السيارات والدماء البريئة التى تنساب على ارض الوطن بلا ذنب او جريمة.. استعيد صورة زمن جميل وفن جميل وإنسان راق مبدع واقول لنفسى لن يطول الليل كثيرا غدا تطلع الشمس وتشرق السماء ويغنى المصريون مرة اخرى شمس الأصيل .
"الأهرام"