فاروق جويدة
رغم كل مظاهر التقدم التى حققها التليفزيون، ورغم كل ألوان الإبهار صورا وأشكالا وأشخاصا، ورغم القنوات التى تطارد الانسان طيلة 24 ساعة، ورغم كل مظاهر الجذب والتحايل والإغراء فى المسلسلات والبرامج ما زالت للإذاعة مكانة خاصة عندى وعند ملايين المستمعين خاصة ان الإذاعة المصرية لها رصيد كبير ولها أيضا دور ثقافى وحضارى ليس على مستوى مصر وحدها ولكن على مستوى العالم العربي. وقد ارتبطت الإذاعة المصرية فى حياتنا بعدد من الأشخاص وعدد من البرامج التى اعتاد عليها المستمع وأصبحت جزءا من حياته.. من منا ينسى فهمى عمر وفاروق شوشة وسامية صادق وجلال معوض وطاهر أبو زيد وآمال فهمى وعمر بطيشة وحمدى الكنيسى وعلى عيسي، وهذه الأجيال المتعاقبة من الإذاعيين الكبار.. كان كل واحد منهم يمثل مدرسة فى الثقافة والأداء واللغة والحضور.. وكان من التقاليد العريقة فى الإذاعة المصرية انها لا تفرط فى أبنائها حين يحالون إلى المعاش وكيف يحال إلى المعاش إذاعى فى حجم وقدرات فاروق شوشة أو جلال معوض أو آمال فهمي.. كانت الإذاعة المصرية حريصة على تخصيص مساحة من الزمن لهذه الأسماء.. وكان ذلك عرفا متداولا فى كل العصور ولكن الغريب انها تخلت عن ذلك فى الفترة الأخيرة حين أحيل الإذاعى القدير عبد الرحمن رشاد رئيس الإذاعة السابق إلى المعاش ولم يخصص له برنامج ولم تحدد له مساحة من الوقت على الهواء لكى يلتقى مع جمهور المستمعين. ان الإذاعيين الكبار عملة نادرة فى زماننا ويجب الحرص على بقاء تواصلهم مع المستمعين.. إنهم مدارس ثقافية ولغوية وأصحاب قدرات مميزة وتجب الاستفادة من خبراتهم. ان عبد الرحمن رشاد رئيس الإذاعة السابق يمكن ان تتعلم على يديه أجيال من شباب الإذاعيين لغة وحضورا وأداء وثقافة، فهذه الأجيال لن تعوض ويمكن أن يكون لها دور فى المعاهد الإذاعية والإعلامية فى الجامعات الخاصة وفى كليات الإعلام وان يبقى تواصلها مع المستمعين والمشاهدين. ان الأشجار العتيقة التى تمنح الظلال والثمار والجمال لا ينبغى ان تجور عليها يد الإهمال والتجاهل والجحود. أرجو من الصديق عصام الأمير ان يخصص مساحة من الوقت يلتقى فيها عبد الرحمن رشاد مع عشاق الإذاعة المصرية وما أكثرهم.