فاروق جويدة
فى مارس الماضى ذهبت إلى البحرين بدعوة من الشيخة مى آل خليفة وزيرة الثقافة وفى بيت الشعر كان اللقاء حاشدا فى أمسية شعرية تركت فى نفسى الكثير من المشاعر..وأثناء الأمسية طلب احد الحاضرين الكلمة وتحدث عن مصر كواحد من عشاقها الكبار وتنقل بين سنوات شبابه وهو يدرس الطب فى جامعة القاهرة وعرفت انه الفنان والطبيب السعودى الشهير د.قاسم نور وتصافحنا بعد الأمسية واهدانى عددا من الصور للوحات كبيرة رسمها عن القاهرة وآثارها العريقة..وافترقنا..لفت انتظارى يومها انه جاء من السعودية لحضور الأمسية فى البحرين وهو يجلس على كرسى متحرك وقدرت ذلك كثيرا..منذ أيام قليلة وصلتنى رسالة منه يشكرنى على ما كتبت عن أستاذه د.إبراهيم بدران حيث درس الطب على يديه وقال فى رسالته «عندما كنت أدرس الطب تعلمت من إبراهيم بدران فنون الجراحة وآداب الطب وأتقنت من خلاله مهنة الجراحة وكل الفضل يعود إلى مصر ولادة الرجال..» وبعد يومين من وصول الرسالة قرأت فى الصحف ان قاسم نور الطبيب الفنان قد رحل عن دنيانا وربما تكون رسالته التى سطرها عن أستاذه إبراهيم بدران هى آخر ما كتب..كان مشوار قاسم نور مليئا بالأحداث والمفاجآت فقد كان من أشهر الجراحين الكبار فى المملكة العربية السعودية وظل يعمل بالطب 35 عاما أجرى خلالها أكثر من 50 ألف عملية جراحية وترك الطب واتجه إلى الفن وأقيمت له معارض فى عدد من الدول الغربية ورسم جميع الرؤساء العرب..لم يكن يستخدم الألوان العادية فى لوحاته ولكنه كان يرسم بالخامات الطبيعية ومنها الرخام واللؤلؤ والكريستال والذهب وما بين رحلته مع الطب ومشواره مع الفن أقام مصنعا للرخام..وقد رسم لمصر عددا كبيرا من اللوحات التاريخية التى تنتقل فيها ما بين القاهرة القديمة والحديثة ومنها بورتريهات لرموز الفن المصرى أم كلثوم وعبد الوهاب..كانت مصادفة غريبة ان تكون آخر رسائله التى كتبها عن د.إبراهيم بدران الطبيب المصرى الذى تعلم على يديه كما قال آداب الطب وفن الجراحة..مصادفة غريبة ان يرحل الصديقان فى أسبوع واحد هذا فى جدة وهذا فى القاهرة ولله فى خلقه شئون.