فاروق جويدة
كان محمد عبدالوهاب يكره المرض ويتمنى ان يغادر الحياة بهدوء وفى نهاية الأسبوع كان يتصل بكل الأطباء الذين يعلمون حالته الصحية،
واين يقضى كل منهم اجازته يوم الجمعة حتى يطمئن معهم على نفسه اذا اصابه مكروه..وكانت مصادفة غريبة ان يموت عبدالوهاب يوم الجمعة..قبل ان يرحل بأيام قليلة كنت ازوره وانا فى طريقى إلى باريس وفؤجئت وانا فى الفندق بالصديق الراحل الفنان يوسف فرنسيس يطلبنى فى السابعة صباحا ويخبرنى بأن عبدالوهاب رحل..
وشعرت بأن الأرض دارت وان النيل تجمد وان حدائق مصر أعلنت الحداد كان عبدالوهاب جزءا عزيزا من حياتنا وذكرياتنا..كنا نتحدث ليلا فى التليفون اكثر من ثلاث مرات فى الأسبوع ونحكى فى كل شئ فى الشعر والموسيقى والسياسة ولم يكن محبا للسياسة..
وكثيرا ما كان يشاهد فصلا من مسرحيات فؤاد المهندس قبل ان ينام لأن اسوأ الأشياء أن تنام مكتئبا..وفى أوراق عبدالوهاب حكايات وقصص كثيرة كان يحتفظ بمبلغ 40 الف جنيه فى بنك مصر وقرر ان يسحبها وحتى يضمن لها الأمان جاء بحزام عريض وضع فيه المبلغ وطلب من شقيقه الشيخ حسن ان يربط الحزام حول وسطه طوال الليل والنهار ولا يغادر البيت..
وفى اليوم التالى اتصل به طلعت باشا حرب وطلب منه ان يزوره فى البنك وحين دخل عليه سأله لماذا سحبت الفلوس يا محمد ولم يجد اجابة غير ان يعود إلى بيته ومعه شقيقه حسن وقد ربط الفلوس على وسطه ليعيدها إلى البنك..
من حكايات طلعت حرب ايضا انه طلب من صديقه المخرج احمد سالم ان يحضر له سندويتشات فول وطعمية من احد المحلات الشهيرة فى ذلك الوقت وهو فول ابوظريفة ونسى احمد سالم طلب الباشا ولم يتذكر الا وهو على ابواب البيت فعاد واشترى سندويتشات من احد المحلات الصغيرة وذهب إلى الباشا..
وحين بدأ طلعت باشا فى أكل السندوتشات سأل احمد سالم هل انت متأكد إنها من محلات ابوظريفة فقال له نعم يا باشا..فصاح فيه من يكذب فى الأشياء الصغيرة يكذب فيما هو اكبر.
.تاريخ حافل عاشه عبدالوهاب ومازلنا نعيش فيه.