فاروق جويدة
خمسون عاما مضت على رحيل كامل الشناوى وهو الذى ملأ زمانه قصصا وشعرا وحكايا..لو ان كامل الشناوى اخلص للشعر قليلا لكان واحدا من اكبر شعراء العصر الحديث..كانت مفرداته الشعرية جديدة وغاية فى التميز رغم انه ازهرى النشأة والثقافة وكانت صوره الشعرية تحمل ألوانا ناصعة ومؤثرة وكان إحساسه الطاغى يتجاوز ذلك كله..لقد أخذت الحكايا والقصص عمر كامل الشناوى فلم يقدم فى مشواره الشعرى ذلك الرصيد الذى يتناسب مع حجم موهبته وابداعه ومن يقرأ ديوانه الوحيد لا تكذبى يكتشف ان إبداع هذا الشاعر المتفرد تجسد فى ست أو سبع قصائد كان أجملها لا تكذبى وعدت يا يوم مولدى وحبيبها وبعض القصائد الوطنية..كان ينبغى ان يكون شعر كامل الشناوى أكثر غزارة ولكن حياته استهلكت موهبته لقد تخرجت أجيال من الكُتاب على يديه..وكان وراء ظهور وانتشار عدد كبير من الفنانين فى كل مجالات الإبداع..وكان صاحب نكتة فريدة فى سهراته وجلساته الليلية مع الأصدقاء..ولا شك ان كامل الشناوى ضحى بجزء كبير من عمره وشعره من اجل تلاميذه وكلهم صاروا نجوما فى الصحافة..وقد مارس كامل الشناوى السياسة على طريقته وان بقى بعيدا عن مغامراتها..وكانت محنة كامل الشناوى الإنسان انه أحب من طرف واحد وكانت لديه قدرة ان يحب من بعيد حتى لو احترق بنيران البعد وفى حياة كامل الشناوى قصص كثيرة وحكايا عن حب لم يكتمل..ومازلت اعتقد ان كامل الشناوى ضحى بشعره فى سبيل الصحافة وتوابعها وبريقها اليومى الذى كثيرا ما اهدر مواهب المبدعين ولا شك ان الشعر خسر كثيرا لأن كامل الشناوى كان شاعرا من الوزن الثقيل إحساسا ولغة وتفردا ورصانة..ما أكثر المواهب العظيمة التى ضاعت فى سراديب صاحبة الجلالة وكان كامل الشناوى ابرز ضحاياها..لو ان كامل الشناوى سجل حكاياته وسهراته ومشواره مع تلاميذه ومحبيه وما حفظ من أشعار سابقيه لترك لنا موسوعة من القصص والأحداث ولكن هذا الرصيد الثرى توارى مع الأيام لتبقى لنا مجموعة قليلة من القصائد الرائعة..لقد بخل كامل الشناوى على شعره ومنح عمره بسخاء للصحافة..والشعر هو الأبقى.