فاروق جويدة
لا اعتقد ان الشعب اللبنانى يمكن ان يعيد مأساة الحرب الأهلية مرة أخرى فقد كانت درسا قاسيا لكل الأجيال فيه ولا أتصور إنها تجربة يمكن ان تقتحم الشارع اللبنانى مرة اخرى..لقد عاش اللبنانيون بكل طوائفهم هذه الكارثة التى امتدت اكثر من 15 عاما شهدت فيها جميع المدن اللبنانية انهاراً من الدم..ان جموع الجماهير التى خرجت اخيراً للشوارع فى لبنان تعيد الى الأذهان صورة الربيع العربى حينما تجلت فى عدد من العواصم العربية فكانت البداية فى تونس ثم انتقلت إلى مصر ثم سوريا وليبيا واليمن.. ولا أتصور ان ثورات الربيع العربى قد تركت للمواطن العربى نموذجا يحلم بتحقيقه لقد انتهت نهايات مؤسفة وتركت مصيرها فى ايد افتقدت الخبرة والتجربة والوعى وكانت النتيجة ان تم اختطافها كما حدث فى تونس ومصر وليبيا على يد الإخوان المسلمين .. ولا شك ان الشعب اللبنانى لديه درجة عالية من الفهم والوعى تجعله يتردد كثيرا فى استنساخ ثورات الربيع العربى.. وهناك اسباب كثيرة تجعل من الصعب امتداد هذا النموذج إلى الاراضى اللبنانية .. أول هذه الأسباب ان لبنان رغم كل ما أصابه وما تعرض له مازال معقلا من معاقل الحريات فى العالم العربى وهو يملك تجربة فريدة فى التعايش السلمى الوطنى بين ابناء الوطن الواحد .. ولا اعتقد ان فى نتائج الثورات العربية ما يغرى الشعب اللبنانى بانتهاج نفس الأساليب من اجل التغيير .. ان لدى اللبنانيين رصيدا حضاريا وثقافيا وفكريا يجعلهم فى غنى كامل عن نموذج الثورات العربية .. المهم الآن ان يتجنب لبنان الحرب الأهلية التى يمكن ان تشتعل فى أى وقت وزمان..ان اخطر ما يواجه لبنان الآن ان ما يجرى فى سوريا يترك اثاراً بعيدة على الشارع اللبنانى..كما ان المشاكل الطائفية فى لبنان تمثل تهديدا لوحدته وتجانسه يضاف إلى ذلك ان وجود ميلشيات عسكرية لقوى سياسية داخل لبنان يفرض واقعا غير ما حلم به الشعب اللبنانى .. ورغم هذا كله إلا ان لبنان سوف يبقى واحة للثقافة العربية وحصنا من حصونها العتيقة.