فاروق جويدة
الممسك على دينه كالممسك على الجمر .. وهذا القول ينطبق على عدد كبير من مشايخنا الذين غرقوا فى بحر السياسة وأصبح من الصعب عليهم الخروج منه..
من يتابع ما حدث فى مصر والعالم العربى طوال السنوات الثلاث الماضية سوف يكتشف ان السياسة كانت من الأسباب الرئيسية فى إفساد الخطاب الدينى..لا تستطيع الأن ان تقرأ فتوى بعيدا عن السياسة او تقيم موقفا دون ان تبحث عن اسبابه السياسية .. والأغرب من ذلك ان السياسة فى العالم العربى تحركها اموال ضخمة وهنا سقط تجار الدين بين المال والسياسة وخرج الدين من هذه اللعبة السيئة وقد تحول الى بحار من الدم تسيل على الأرض العربية..بدأت القصة مع الغزو الأمريكى للعراق وانقسم العراقيون الى فصائل دينية ما بين السنة والشيعة والفرس والعرب..وانتقلت اللعنة الى غزة حين انقسم الشعب الفلسطينى على نفسه وتحول الى دولتين وشعبين وسرعان ما اطاحت لعنة الانقسامات بسوريا ومازال الشعب السورى يسبح فى دماء شبابه .. ولم يمض وقت طويل حتى جاء الدور على ليبيا وهى الأن تواجه صراعات قبلية وانقسامات تهدد بناء الدولة ولم تنج مصر من المحنة حين وجدنا من يقسم الشعب الى فصائل ويحمل السلاح ويقتل ويدمر تحت شعارات دينية كاذبة .. هل يعقل ان تصدر فتوى بتحريم الإنتخابات ومصر تحترق .. هل يعقل ان يصيح احد رؤوس الإخوان من خلف القضبان ويقول لشباب الإرهابيين ان الملائكة تحارب معكم .. هذا الكلام قيل يوما عند عبور جيش مصر العظيم لتحرير سيناء فهل يقال اليوم كدعوة لقتل قوات الجيش والشرطة التى تحمى امن هذا الوطن واستقراره .. حين دخل الدين السياسة افسدنا الإثنين معا وحين دخل الشيوخ الساحة السياسية كانت لعنة المال ولعنة السياسة وللأسف الشديد اننا ايضا خسرنا الإثنين معا .. خسرنا ترفع رجل الدين .. وخسرنا ضمير رجل السياسة ولم نعد نفرق بين ما يقال بأسم الدين وما ينطلق من شعارات السياسة .. وامام الفضائيات حيث يقال كل شئ تنطلق الفتاوى كالألغام تدمر المجتمعات وتهدد امن المواطن .
نقلا عن جريدة "الأهرام"