فاروق جويدة
لم أستطع ان اعتذر للصديق د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة حين دعانى إلى أمسية مع أساتذة وطلاب وطالبات الجامعة رغم اننى كنت معهم في العام الماضى..أردت ان أؤكد لرئيس الجامعة انه قام بدور حضارى وثقافى كبير منذ تولى المسئولية وجعل الأنشطة الثقافية والفنية جزءاً من ثوابت العملية التعليمية وان الجامعة للإبداع والفكر وليست فقط للتلقين والحفظ..في قاعة المحاضرات الكبرى بعراقتها وشموخها وعطر التاريخ فيها قضيت وقتا ممتعا مع الطلاب والأساتذة وعمداء الكليات اعترفت لهم بضعفى الشديد وعشقى الذى لا حدود له لجامعة القاهرة فيها سافرنا مع أحلامنا والتقينا بنخبة من الأساتذة الإجلاء وتشكلنا على أيديهم فكرا وإحساسا..قلت لهم اننى حزنت كثيرا يوم ان رأيت شباب الجامعة يعتدون على الأساتذة وان الأستاذ في أيامنا كانت له قدسية خاصة وكثيرا ما ذهبت إلى أساتذتنا الكبار محمد مندور وعبداللطيف حمزة وخليل صابات ومختار التهامى وقرأت عليهم قصائدى ثم كثيرا ما تنقلت بين حوارات رشاد رشدى ومحمد أنيس وغربال والخشاب، وزكريا إبراهيم ومصطفى سويف وسهير القلماوى وشوقى ضيف ويوسف خليف ومجدى وهبة ولطيفة الزيات ولك ان تتصور جامعة بهذا الزخم وهذه العبقريات في وقت واحد..وقلت للطلاب حين كنت أصافح استاذى ويرد على التحية تغمرنى مشاعر من السعادة لا تفارقنى أسبوعا كاملا..وفى جامعة القاهرة اشتبكنا كثيرا في قضايا الفكر والثقافة وعرفنا طلابا سبقونا بسنوات قليلة مثل جابر عصفور واحمد مرسى وسامى السلمونى وأنيس أبوالعلا وكانت الساحة تتسع يومها لكل الآراء والأفكار وكنا نجيد لغة الحوار ونعرف حدود الاختلاف وحين خرجنا في مظاهرات 68 بعد النكسة كنا أول أفواج ثورة يوليو الذين تمردت على زعيمها وقائدها وكانت لحظة انكسار دامية في حياتنا..حين جاء دور الشعر شعرت ان هناك شيئا ما يتغير..الشباب أكثر تفاعلا وفهما ووعيا وإحساسا..كانت جدران قاعة المحاضرات الكبرى وكأنها تحفظ الوجوه والكلمات والتصفيق وكأنها تحتفى بشباب جديد واعد سوف يعيد لهذا الوطن شموخه وتألقه ووعيه..لحظات جميلة استعدت فيها أياما وشبابا وأحلاما في رحاب جامعتنا العريقة وكنت سعيدا ان يخبرنى د.نصار ان جامعة القاهرة قفزت درجات كثيرة في التصنيف العالمى لأفضل الجامعات في العالم.