فاروق جويدة
رحل مصطفى حسين تاركا خلفه مساحة كبيرة من الفراغ فى وجدان المصريين ..رحل صاحب أول ابتسامة صباحية تصافح المصريين كل صباح على صفحات جريدة الأخبار .. رحل الرسام الفنان الذى جعل الناس تقرأ الجريدة من صفحتها الأخيرة وليس صفحتها الأولى.
رحل صاحب كفر الهنادوة صرخة الفقراء ضد السلطة كل سلطة وصاحب كمبورة ابن البلد المشاغب النصاب .. وعبده مشتاق المثقف الباحث عن المنصب ايا كان الثمن .. كان مصطفى حسين يتمتع بحس شعبى جارف وكانت لديه قدرة عجيبة على التقاط تفاصيل كثيرة فى مكونات الشخصية المصرية .. وكان قادرا ان ينتزع منك الإبتسامة حتى لو كانت احيانا فيها الكثير من الألم والمرارة .. سخر من اصحاب القرار وهم يمارسون كل انواع الدجل على الشعب الغلبان .. وتهكم على المثقفين وهم يهرولون خلف كل صاحب قراره يسألونه الرضا والغفران .. وقدم نماذج شعبية كثيرة حملت الفهلوة والتحايل بين فئات كثيرة من الشعب .. التقينا آخر مرة فى احتفالية مكتبه ومتحف انيس منصور كاتبنا الراحل فى الجامعة الأمريكية كان ضاحكا ساخرا متفائلا كعادته .. ورغم انه عاش اكثر من أزمة صحية منذ سنوات وقضى فترة طويلة للعلاج فى الخارج إلا انه كان دائما محبا للحياة وعاشها طولا وعرضا ..
عاش تجربة فريدة مع الكاتب الكبير احمد رجب قدم فيها نموذجا للتكامل بين الريشة والقلم وعلى امتداد سنوات كان لقاؤهما اليومى جرعة من السخرية والألم للإنسان المصرى .. كانت ابتسامة مصطفى حسين واحمد رجب هدية يومية للمواطن المصرى تحمل آلامه واحلامه والكثير من مشاعر الإحباط والمرارة امام واقع لا يتغير كان لقاء احمد رجب ومصطفى حسين صدفة جميلة فى تاريخ صاحبة الجلالة منذ سنوات رحل صلاح جاهين عن الأهرام وترك فراغا سحيقا واليوم يرحل مصطفى حسين عن الأخبار وسوف يترك فراغا لا حدود له.. وهذه النجوم التى تنسحب من حياتنا فى هدوء تترك بعدها الما ووحشة ولا ادرى هل هو فراق الأصدقاء والأحباب ام رحيل المواهب والرموز فى هذا الزمن البخيل .