فاروق جويدة
في زمان مضى من الأيام الخوالى كنت تدخل بيت الفلاح المصرى البسيط فتجد فيه كل انواع الطعام..تجد كل منتجات الألبان والدواجن واللحوم وتجد
احتياجات الأسرة من الدقيق والأرز التى تكفيك عاما كاملا..وتجد طعام الماشية من الذرة والفول والشعير وفى موسم جنى القطن وهو عرس الفلاح المصرى كنت تجد أكياس القطن أمام البيوت والفرحة تملأ القلوب..كان القطن هو حلم كل بيت في الريف..منه يسدد الفلاح ديونه..ويشترى احتياجاته واحتياجات الأسرة من الملابس طوال العام ومن القطن يقام عرس الأبناء وتذهب الابنة إلى عريسها..وأمام كل بيت كنت تجد نخلة عريقة تعطى البلح وشجرة جوافة أو شجرة جميز أو توت فيها فاكهة العام كله وقد تجد على شاطئ الترعة شجرة موز عجوز مازالت تمنح ثمارها بسخاء..وكان الفلاح المصرى يعشق الأرض ويشم عطرها قبل ان ينام وحين تتدفق مياه النيل في الحقول كأنها أكسير الحياة..كان الفلاح المصرى يسمع أم كلثوم ويشدو مع عبد الوهاب وهو يغنى "محلاها عيشة الفلاح" وكان الراديو الترانزستور الصغير يحمل الأخبار من كل بلاد الدنيا..وكان شيخ القرية هو المأمور والمحافظ وقسم الشرطة وكان إمام المسجد هو الواعظ والخطيب والمأذون والكلمة الصالحة..وكان محصل الضرائب هو صوت الحكومة وضمير الشعب..وكانت العائلات تقتسم الطعام والخبز والفرحة..ومنذ حلت على الفلاح المصرى لعنة الكانتلوب اختفى كوز العسل والشمام والبطيخ الشليان والجوافة والبلح الزغلول والرطب..وحين ذهب الفلاح لشراء العيش من البندر لم يعد يعرف الفطير والسمن البلدى واكتفى بزيوت السيارات التى تحولت إلى زيوت طعام واستبدل الفلاح إنتاجه من الدواجن والأرانب والطيور بفراخ الجمعية المسرطنة وبعد ان كان يشرب ألبانا نظيفة عاش على ألبان ملوثة حملت له فيروس سى وأمراض الغسيل الكلوى وتشرد بين المستشفيات يحمل أمراض الدنيا..وكانت لدى الفلاح ادارة للزراعة وأخرى للرى هذه لحماية الأرض والأخرى لحماية مياه النيل ولهذا كان الفلاح المصرى منتجا وكان الإنتاج الزراعى من القطن والقمح والأرز من علامات الزراعة المصرية..منذ اختفت كل هذه الأشياء مازال الفلاح المصرى يبكى على وزارة كانت تسمى وزارة الزراعة