بقلم - فاروق جويدة
تراجع مستوى الرشاوى فى مصر رغم أن أعداد المرتشين قد زادت وتجاوزت كل الحدود وأصبحت النزاهة هى الاستثناء والرشوة هى القاعدة.. فى قضايا الرشوة التى تورط فيها كبار المسئولين تفاوتت الأرقام ما بين الملايين والملابس والمأكولات حتى وصلت إلى خراف العيد ولا أتصور مسئولا فى منصب رفيع يقبل على نفسه هذا النوع من الرشاوى فى البط أو الكباب أو الملابس فى صورة بدل أو أحذية أو قمصان.. وقد انتشرت هذه الرشاوى فى زمان مضى فى صورة هدايا ولكن من الوزن الثقيل ومنها ساعات بملايين الجنيهات وسيارات فخمة وربما فيلات وقصور وبدأت رحلة الفساد حين حصل مسئول كبير على خروف للعيد أو مجموعة بدل أو أكلات فى مطعم كبير.
إن هذا الانحطاط فى السلوك يرجع إلى سوء الاختيار وغياب الرقابة ولنا أن نتخيل مسئولا على رأس مؤسسة أو هيئة أو محافظة أو جهاز إدارى ثم يتلقى الرشاوى التى تتجاوز الملايين ولا تخلو من الملابس والمأكولات.. كانت الرشاوى محدودة للغاية وفى نطاق ضيق وكانت عادة بين صغار الموظفين ولكن الموقف تغير إذا كان المسئول الكبير يمكن الوصول إليه فلماذا نذهب إلى صغار الموظفين إن المسئول فى يده كل شىء وهو يأمر ويطاع ولا يستطيع أحد أن يراجعه لأن فى يديه الأمر والنهي.. لا احد يعلم حتى الآن شروط ومواصفات اختيار المسئول الكبير هل هى الكفاءة أم الخبرة أم السمعة الطيبة أم الثقة أم الولاء ولا احد يعرف أيضا هل هى شروط أمنية أم تقارير سرية يكتبها بشر وهم ليسوا فوق الشبهات إن الأزمة الحقيقية أمام انتشار ظاهرة الرشاوى فى مؤسسات الدولة وفى مستوياتها الأعلى تبدأ مع سوء الاختيار وهنا تظهر كل الأشياء ولكن بعد فوات الأوان.. إن للفساد جذورا بعيدة فى أعماق الإدارة المصرية العتيقة بكل ما حملته من البيروقراطية والتخلف ولكن فى الفترة الأخيرة اتسعت مساحة الرشاوى وطالت رءوسا كثيرة وينبغى مراجعة أساليب الاختيار لأنها نقطة البداية.. مطلوب مراجعة قوائم المناصب العليا عند التعيين بعد كل ما ظهر فى الجهاز الإدارى من الخلل والفساد.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع