بقلم : فاروق جويدة
المال زينة الحياة، وهذه حقيقة مؤكدة.. ومن الخطأ أن يصبح سلطاناً يفرض وصايته ويملى إرادته ويتحكم فى مصير البشر.. هو شىء جميل حين يوفر لنا حياة كريمة، ولكنه إذا أصبح شبحاً يطاردنا حلماً وواقعاً وغايةً، فإنه يُفسد المشاعر ويُشوّه القلوب.. والمال أحياناً يُفسد إذا سيطر على حياة الإنسان وأصبح العين التى ترى والقلب الذى يخفق، أن تنسى كل شيء وترى المال يسبق كل شيء، أن تنظر فى أيدى الآخرين، أن تضعف كلما لاح أمامك بريق الذهب ودفتر الشيكات، أن تنسى كل ما حولك ولا ترى غير يدٍ تقبلها كلما امتدت إليك، أن تضعف حتى تتلاشى وأنت تنافق أو تنحنى أو تفرط فى انتظار من يعطى ومن يمنح، أن تفكر فى خزائنك وتنسى كرامتك، أن تحرم المحتاج وتتذلل للقادر، أن ترى كل شيء سلعة يمكن أن تُباع.. المال فى يد الشرفاء قيمة، وفى جيوب الرعاع إذلال ومهانة، وعليك أن تختار: مال يعزك أم مال لا يعرف قدرك.
فى رحلة العمر، المال أحد ضرورات الحياة، ولكنه ليس الحياة.. المال يشترى الأشياء، ولكنه لا يصنع القيمة.. ومنذ أن سيطر المال على عقول البشر، زادت الحياة فقراً وزاد الناس جهلاً، وانتشرت الخفافيش واختفت العصافير.. من يتصور أن المال يغنيه ويعلى قدره وهو لايعرف قدر نفسه، يظل فقيراً. يبقى الإنسان بعقله وفكره ومشاعره هو الثراء الحقيقي.. المال كما جاء يمكن أن يرحل، لأن الإنسان هو الأبقى.
لا أقلل من قيمة المال، فهو الاكتفاء والثراء والمتعة. ولكن من الخطأ أن يصبح سلطاناً بلا ضمير وسمساراً بلا أمانة، وسطوة فى قلوب لا ترحم.