بقلم - فاروق جويدة
كان الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحا وهو يؤكد أمام الرئيس ماكرون فى زيارته التاريخية لمصر أن لكل مجتمع ظروفه التاريخية والحضارية بل والدينية التى تحكم الأوضاع فيه وأن الدول قد لا تتشابه فى الظروف ويصبح من الصعب أن تأخذ بأساليب بعضها فى مواجهة التحديات..وأكد الرئيس أن مصر تعيش حالة انتقالية بعد أن مرت بمحنة قاسية أوشكت أن تدفع بها فى حرب أهلية لكن وعى المصريين كان سباقا واستطاع المصريون أن يخرجوا من هذا المأزق التاريخى فى أن تتحول مصر إلى دولة دينية وهى التى حافظت آلاف السنين على وحدة شعبها واحترام مقدساته..وتوقف الرئيس السيسى عند إعادة بناء الدولة المصرية وأحلام شعبها فى التنمية والرخاء وأكد أنه لن يبقى يوما واحدا فى حكم مصر إذا لم يكن ذلك بإرادة شعبية.. ولقد جاء الرئيس ماكرون إلى القاهرة وترك خلفه أزمة سياسية حادة فى فرنسا وربما أراد أن يمتص غضب شعبه بأحاديث تخفف من حدة الضغوط عليه خاصة حول قضايا الحريات وحقوق الإنسان وهذه ليست المرة الأولى التى تطرح فيها هذه القضايا بين الغرب بصفة عامة ودول العالم الثالث. إن الدول التى تعيد بناء نفسها تحمل من القضايا والأزمات الاقتصادية والتعليمية والحضارية ميراثا ثقيلا ربما كان الغرب نفسه مسئولا عن كثير من مظاهر التخلف التى حدثت فى عهود الاحتلال والاستعمار والسيطرة.. إن عجز شعوب العالم الثالث عن تطبيق الديمقراطية والحريات لم يكن فقط بسبب تخلف شعوبه ولكن هذا التخلف وراءه عصور من الاحتلال واستنزاف ثروات الدول النامية.. إن تجارب فرنسا فى الجزائر لم تكن إنسانية فى أى وقت من الأوقات وما فعلته ايطاليا فى ليبيا لم يكن حضاريا كما أن انجلترا لم تكن حريصة على دعم الديمقراطية فى مصر خلال سبعين عاما من الاحتلال.. وقبل هذا كله فإن زراعة إسرائيل فى قلب العالم العربى كانت اكبر كوارث حقوق الإنسان لأن إسرائيل واحة الديمقراطية فى رأى الغرب مازالت تمثل أسوأ أنواع العنصرية وامتهان حقوق الإنسان.. من حق الرئيس ماكرون أن يطالب بحقوق اكبر للإنسان فى أى مكان ولكن لكل شعب ظروفه..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع