بقلم - فاروق جويدة
ماذا تفعل إذا وجدت العالم حولك غابة مظلمة؟! ووجدت الناس تأكل بعضها، ولاحت أمامك كائنات متوحشة تشبه البشر، ووجدت عالما يحرمك من أبسط الحقوق .. ماذا تفعل وأنت لا تجد مكانا يؤويك ولا طعاما يعينك على استمرار الحياة، ولا دواء ينقذك ولا أحد تلجأ إليه ربما أعانك على أن تتحمل قسوة الحياة .. ماذا تفعل إذا وجدت الناس حولك وجوها موحشة ونفوسا مريضة وقلوبا مظلمة .. ماذا تفعل إذا وجدت نفسك وحيدا تواجه حشود الظلم والطغيان وتجد الذئاب تحيطك وأنت لا تجد من يساعدك أو ينصفك، فقد تخلى الجميع عنك الأهل والأصدقاء والجيران والأحباب .. ماذا تفعل إذا كانت حشود الظلم تهدم بيتك وتقتل طفلك وتستبيح دمك ولا تجد أحدا ينصفك، أنت تصرخ ولاشيء يسمعك وتموت ولا احد يرحمك وتدافع عن أرضك وعرضك وحياتك والعالم كل العالم متآمر عليك .. لا احد ينصفك، وسط هذا العالم الذى نسى الرحمة وتخلى عن الشرف وفرط فى الكرامة أنت أمام كائنات توحشت وضمائر ماتت وقلوب تصحرت .. لم يبق أمامك غير نفسك، إيمانك، عزيمتك، قوتك، ولابد أن تقاوم .. لا أسالك الرحمة بمن قتل ابنك وهدم بيتك وسرق عمرك، لا اطلب منك أن تتنازل عن حقك لمغتصب، أو تتسامح مع ظالم، قف على أرضك ولا تفرط فى شبر منها وإذا سقطت شهيدا فالتراب لا ينسى عطر دماء الأبطال، تحية إلى شهداء غزة .. تحية إلى رجالها الشرفاء، تحية إلى أمهاتها البواسل، تحية إلى أطفالها الذين طهروا ترابها من رجس العدو الغاصب، تحية إلى كل حبة رمل عانقت شهيدا..