بقلم - فاروق جويدة
خرجت المنتخبات العربية من كأس العالم دون أن تحقق شيئا واتفقت جميعها فى النتائج وأسلوب اللعب وتوحدت صورتها بدرجة غير مسبوقة ولو أنك جمعت كل المباريات العربية فى شريط واحد لاكتشفت أنها متشابهة تماما.. إنها فرق تجرى طوال الوقت وتلعب بنفس الطريقة وهى تصل إلى المرمى كثيرا ولكنها تعجز أمام إحراز الأهداف .. خيول عربية أصيلة تجرى فى كل اتجاه ولكنها عاجزة تماما عن أن تحرز هدفا.. كل المباريات انتهت بنفس النتائج وكانت صرخات المذيعين كأنهم يخوضون حرب داحس والغبراء أصوات عالية وصراخ وخطب نارية وكلمات كالرصاص واللاعبون يتقدمون وحين يصلون إلى المرمى ينتهى كل شىء.. ان هناك من يرى أن العرب ظاهرة صوتية أى أنهم يجيدون الصراخ وهذه حقيقة لقد قام التاريخ العربى كله على الخطابة، فنحن شعوب تجيد الخطابة وكل تاريخنا قام على الكلام ولا نملك شيئا غير الشجب والإدانة وقد أدمنت شعوبنا هذا الأسلوب فى كل شىء وأصبحنا حكاما وشعوبا لا نقدر على شىء غير أن نصرخ من القهر والذل والاستعباد حتى فى كرة القدم والمناسبات العالمية والظواهر الصوتية تملأ الفضاء صخبا وضجيجا وهذا ما حدث فى كأس العالم .. إن التشابه فى الأشياء يمكن أن يكون شيئا ايجابيا فى حالات كثيرة ولكن حين تتوحد الشعوب فى الصراخ والكلام والشجب فإنها تخسر الكثير.. لقد حاول الإعلام العربى تجميل صورة الإنسان العربى أمام العالم ولكن للإنصاف فإن نتائج المباريات وهذا الخروج المبكر والمؤسف دون تحقيق أى نتائج فى كأس العالم يجعلنا نتساءل متى تنتهى الظواهر الصوتية من تاريخ العرب؟ متى ندخل كأس العالم ونلعب فيه حتى آخر لحظة؟ ومتى يتعلم اللاعب العربى كيف يحرز الأهداف ويتذوق طعم النصر ويتخلص من زمن الهزائم؟.. لا يعقل أن تقف أمة تعدادها مئات الملايين وهى تشاهد فرسانها لا يحرزون هدفا ولا انتصارا .. هناك خلل ما فى الشخصية العربية إنها فقدت القدرة على الحلم ولم يكن غريبا أن تفقد الإرادة.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع