بقلم - فاروق جويدة
تناولت كل دساتير مصر قضية محو الأمية منذ دستور 1923 وحتى دستور 2014 وآخر الأحاديث عنها ما حدث أخيرا فى مجلس الشعب فقد ثبت بالحقائق أن هذه القضية لم تأخذ فى يوم من الأيام الاهتمام اللازم وبقيت فى دائرة التهميش ما بين أجهزة لا تعمل ومؤسسات لم تأخذ الأمر بجدية وحكومات استراحت لأنها تحكم شعبا لا يقرأ ولا يكتب..لا اعتقد أن الدولة المصرية فى يوم من الأيام كانت حريصة على القضاء على أمية المصريين، فلا هى تريد ذلك سياسيا ولا تريده علما وثقافة ولا تبحث عنه سلوكا وعملا، ولهذا بقيت مصر من أعلى نسب الأمية فى العالم.. هناك دول كثيرة تخلصت من هذا العار، بل إن دولا أوروبية احتفلت بوفاة آخر امى فيها منذ سنوات وهناك دول عربية منها تونس هبطت فيها نسبة الأمية إلى أقل من 10 % بينما بقيت فى مصر فى أقل التقديرات 30%.. لقد ساهمت الكتاتيب فى يوم من الأيام فى مواجهة هذه الظاهرة المخجلة، والغريب الآن أن يطالب البعض باستخدام الايباد والمحمول بينما المواطن لا يستطيع أن يكتب رسالة أو يقرأ خبرا.. لقد طافت هذه القضية على أكثر من وزارة وأنشأت الحكومات لها مؤسسات خاصة وحصلت على أموال لا تقدر وشارك التليفزيون يوما فى برامج لمحو الأمية، والغريب أن كل هذه التجارب لم تصل إلى نتائج وبقيت مأساة الأمية قضية مجتمع يسعى للانطلاق والبناء وهو مقيد بالجهل والتخلف.. إن معظم الأزمات التى يعيشها المصريون بسبب الأمية.. إذا راجعت دفاتر الصحة والإهمال وانتشار الفيروسات والأمراض فإن للأمية دورا فى ذلك.. وإذا بحثت عن المخدرات التى تهدد ملايين الشباب بل والأطفال فهى الأمية وإذا اقتربت من الخرافات والعفاريت التى شوهت عقول الناس وأحرقت بيوتهم فهى الأمية، وإذا تحدثت عن السياسة والأحزاب والانتخابات وفساد المحليات وفشل التجارب السياسية فهى بسبب الأمية.. إن القضاء على الأمية يحل مشاكل وأزمات كثيرة ابتداء بصحة المواطن وتعليمه وانتهاء بحقوقه السياسية التى لا يعرف عنها شيئا ولن يعرف مادام لا يقرأ ولا يكتب.. ابحث عن الأمية فى هموم المصريين.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع