بقلم - فاروق جويدة
سوف تبقى ثورة يوليو أكثر الأحداث غموضاً فى تاريخ مصر الحديث بأحداثها ورموزها وقيادتها فقد كانت وستبقى منطقة خلاف حتى بين من شاركوا فيها .. سوف يبقى الخلاف حول الأدوار ومن كان فيها صاحب القرار الأول فى البداية وكيف اختفت رموزها على امتداد فترات مختلفة أين كان دور محمد نجيب الضابط الكبير الذى قبل على نفسه أن يكون شريكا للضباط الأحرار وكلهم من الشباب لا احد يعرف هل كان نجيب مجرد اسم كبير زينت به الحركة أهدافها حتى نجحت ولماذا خرج نجيب بهذه الصورة المهينة وعاش بين جدران قصر مهجور فى منطقة المرج سنوات طويلة.. لا أحد يعرف لماذا اختفى زكريا محيى الدين وهو الذى وقف خلف أشياء كثيرة فى مسيرة الثورة ابتداء بإنشاء جهاز المخابرات وانتهاء بخروجه من الساحة تماما.. ولا احد يعرف أيضا لماذا تصدر عبد الحكيم عامر المشهد وتخطى كل رفاق السلاح من الضباط الأحرار ولماذا انتهى هذه النهاية الحزينة بعد نكسة 67 حين مات منتحرا وهل كانت واقعة الانتحار حقيقية وهل مات منتحرا أم قتيلا .. هناك أيضا ادوار خالد محيى الدين الذى اختلف مع الثوار من البداية وهو صاحب الفكر والرؤى ولم يتخل عن قناعاته.. وبقى الخلاف الأكبر والأشمل حول الزعيم جمال عبد الناصر وهو صاحب الإنجازات الكبرى وأيضا صاحب الانكسارات التى تحمل المصريون ثمنها.. وبقى عبدالناصر صاحب القرارات الصعبة ابتداء بتأميم قناة السويس وإنشاء السد العالى وموقفه التاريخي فى تغيير الواقع الاجتماعي للمصريين وإنقاذ الطبقات الفقيرة من أزمنة الفقر والتخلف وبعد ذلك كانت نكسة 67 نهاية مرحلة وبداية زمن جديد وإن بقى الخلاف حول دوره ومسئوليته فى هذا الحدث الكبير الذى وضع مصر بين عصرين ووضع الزعيم نفسه بين نصر وهزيمة.. إن تاريخ ثورة يوليو مازال سرا غامضاً فى كثير من أحداثه وأدواره وشخصياته ولأنها حدث كبير بقى الخلاف كبيراً وسوف تمضى أجيال دون أن تتكشف أمامنا كل الحقائق هناك من رموز الثورة من قال كلمته وهناك من صمت وما بين الصمت والكلام بقيت الحقيقة غائبة..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع