بقلم - فاروق جويدة
أصوات كثيرة فى العالم خرجت تهنئ فرنسا بلد الحريات والفنون والجن والملائكة كما قال عنها طه حسين بكأس العالم لكرة القدم للمرة الثانية فى تاريخها .. كان فى الفريق الفرنسى الفائز ١٤ لاعبا من دول إفريقية وإن حملوا جواز السفر الفرنسى كمواطنين .. كانت قدرات اللاعبين الأفارقة هى التى غيرت الحسابات فهم أكثر لياقة وتحملا وقد أصبح واضحا الآن أن اللياقة البدنية هى مفتاح الفوز فى كرة القدم .. فى باريس أحياء خاصة يسكنها الأفارقة والمسلمون وفى فرنسا أكبر جالية من أصول إفريقية وهم يعملون فى كل الأنشطة ومازالت أمراض التعصب والتمييز العنصرى تسيطر على ملايين الفرنسيين تجاه اللون الأسود .. فى فرنسا أثناء حكم الرئيس شارل ديجول فى الستينيات تم زواج أعداد كبيرة من الفرنسيات بأزواج من أصول إفريقية وخرجت أجيال سمراء تجمع دماء فرنسا وإفريقيا وربما كان الفريق الفرنسى الذى حصل على كأس العالم من هذا اللقاء التاريخى الذى عرفته فرنسا قبل أن تعود إلى أزمنة التعصب والرفض والتمييز العنصرى .. لقد حمل الفرنسيون أبطال كأس العالم من الأفارقة وطافوا بهم شوارع باريس وتكدسوا فى الشانزليزيه بينما كان رئيس فرنسا يعانقهم أمام الكاميرات بعد انتهاء المباراة .. لقد عاش الأفارقة فى باريس ومرسيليا وعشرات المدن الفرنسية زمنا طويلا بلا حساسيات أو عقد ولكن السنوات الأخيرة شهدت عداء غريبا ضد المسلمين والأفارقة إن اكبر جالية مسلمة من العرب تعيش فى فرنسا ومنها الجزائرى والتونسى والمغربى بجانب دول غرب إفريقيا التى تتحدث الفرنسية ومازالت اللغة الفرنسية حتى الآن لغتها الأولى رغم عشرات اللهجات المحلية .. إن فوز فرنسا بكأس العالم بأقدام إفريقية يجب أن يكون بداية عصر جديد تتوحد فيه فرنسا بين كل أبنائها من البيض والسود والمسلمين والمسيحيين، لأن فرنسا كانت يوما وطنا للجميع ويجب أن تبقى بلد الحريات والإبداع والجمال .. حصول فرنسا على كأس العالم فى كرة القدم بأقدام إفريقية انتصار للإنسان مهما يكن لونه وجنسه وعقيدته.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع