فاروق جويدة
دائما نبكى على الماضى ولا أدرى ما هو السر فى ان الإنسان دائما يسترجع صفحات الأمس إما حنينا او ندما او فراغا..حين تخلو الحديقة من الثمار يفتش الإنسان عن ثمرة وحيدة ربما تخفت وراء الأوراق..وحين يستعيد ذكرى حب مضى ليس لأنه الأجمل ولكن لأن الحاضر لم يعد يحمل شيئا جميلا..نحن نهرب للماضى حين يعجز الحاضر ان يمنحنا شيئا من الأمن ونفتش فى أوراقنا القديمة حين لا نجد ما تسطره أيدينا فى أوراق جديدة..ومن هنا يمكن ان تجد أمامك عشرات الأوراق التى تحكى عن ذكريات عبرت وانا مازلت حتى الآن احتفظ ببعض الأوراق الجديدة ولا أدرى ربما بعد فترة من الزمن قد لا تطول كثيراً ابدأ فى استرجاع ما مضى من سنوات العمر..انا لا اعتبر العودة للماضى نوعا من الإفلاس ولكنه ضيق اليد ان تسعى لشراء شيء وانت لا تملك المال..ان ارتفاع الأسعار ليس فى السلع فقط ولكن الإنسان أحيانا يجد نفسه عاجزا عن استرداد لحظة أو إبداع لحظة جديدة تساويها فى المتعة والتفرد..فكرت يوما ان اقلب صفحات الماضى وانا اعلم ان فيها ما يستحق ان ارويه ولكن وجدت امامى مساحة كبيرة خضراء لم تعربد فيها أقدام الآخرين وفضلت ان استمتع بها حتى اخر لحظة من عمري..اعرف ان الخريف قادم وان طيور الشتاء قادمة ولكن حتى آخر ما بقى من زهرات الربيع سوف اجلس أمامها وانتظر الربيع القادم..حاول ان تكون مثلى ان أوراق الأمس جميلة وممتعة ولكن صدقنى ان الغد أجمل اذا تعلمنا من أخطائنا وأبقينا على ما بين أيدينا من الحب والأمل والترفع..قد تكون اقل مالا ولكنك أكثر نبلا..وقد تكون الايدى خالية ولكن هناك من يتمنى ان يصافحها وهناك قلوب منحتك الحب يوما وهناك قلوب أخرى يمكن ان تشاركك رحلة الخريف..لا أقول لك احرق أوراقك القديمة ولكن لا تحزن عليها لأنها لن تعود والأفضل دائما ان تزرع شجرة جديدة وحاول ان تغمض عينيك قليلا عن أطلال أشجارك القديمة لان الربيع قادم حتى وإن تأخر بعض الوقت.