بقلم - فاروق جويدة
لا ادرى كيف اتسعت مساحات الجرائم فى حياتنا وكل هذه القصص التى نراها كل يوم عن الأم التى تركت الأبناء الثلاثة يحترقون وتحمل بقاياهم وتلقيها على الأرصفة وكأن شيئا لم يحدث.. من أين جاءت كل هذه القسوة والأمومة مصدر الحب والرحمة والحنان .. كيف تقتل الزوجة زوجها من اجل عشيق وهناك ألف باب لأن تطلب حريتها وتتزوج ألف عشيق إن أرادت وتترك الرجل لحال سبيله.. أين العقل فى كل هذه الجرائم ولماذا أصبح الدم رخيصا على الناس بهذه الصورة البشعة.. ولماذا القتل فى النهاية وأمام الناس أبواب كثيرة للطلاق أو البعد أو الانفصال بلا جريمة.. هل هو الجهل الذى جعل النزوات تلغى العقل تماما وتتصرف بهذه الوحشية هل هى الأمية التى جعلت الإنسان بنصف عقل ونصف ضمير.. هل هو الخراب النفسى الذى تركته سنوات اليأس والإحباط وقلة الحيلة كيف يحترق ثلاثة أطفال فى غرفة مغلقة بلا نوافذ وكيف لم يسمع أحد صراخهم والنار تحاصرهم وكيف تفحمت هذه الأجساد البريئة دون أن ينقذها احد هناك مناطق فى هذا المدى الذى خلقه الله فسيحا تحولت إلى سجون وحتى السجن فيه الرقابة ووسائل الحماية ولكن هذه الأكواخ البشرية الرديئة تحولت إلى قبور صامتة إن الأطفال لم يموتوا فقط ولكنهم احترقوا قبل أن يموتوا أى أن العذاب تجاوز حدود الموت وأصبحت الأجساد رمادا.. إن ما يحدث الآن فى عالم الجريمة يتطلب دراسات نفسية واجتماعية وإنسانية هذا القتل البطئ وهذا الموت الذى يحاصر أطفالا فى غرفة مغلقة بلا نوافذ وهذه النيران التى حولت الحياة جحيما.. شىء ما تغير فى هذا المجتمع هل هو الفقر حين غير موازين الحياة والبشر هل هى الغرائز التى توحشت أمام واقع اجتماعى فقد الرحمة والضمير هل هى المشاعر التى سقطت من قاموس حياتنا وأفقدت الإنسان البصر والبصيرة.. إن مسلسل الجرائم الذى نراه ونسمع عنه كل يوم يؤكد أن الحياة حين تفقد الرحمة تفقد كل شىء..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع