بقلم - فاروق جويدة
أريد أن اطمئن على القاهرة قبل أن تنتقل مؤسسات الدولة إلى العاصمة الجديدة وأريد أيضا أن يكون هناك حوار حول مستقبل القاهرة وما فيها من تراث عريق حتى لا تتحول إلى منشآت خالية.. إن كل ما يجرى الآن يدور فى سرية كاملة وكأنها معارك عسكرية.. ما هى خطة الانتقال إلى العاصمة الجديدة خاصة أن إجراءات الانتقال أوشكت على التنفيذ وأن الوزارات تلم الآن مكاتبها وموظفيها تمهيدا للرحيل.. ماذا ستفعل كل وزارة بموظفيها وهل ستوفر لهم وسائل انتقال أم مساكن جديدة للإقامة وكيف يتحمل الموظف الصغير تكاليف إعداد بيت جديد أو وسيلة انتقال مناسبة.. وماذا عن توابع الوزارات من المنشآت الصغيرة التى تقدم الخدمات للمواطنين كالضرائب والشئون الاجتماعية والتعليم والصحة والخدمات المختلفة.. وهل تنتقل هذه الخدمات إلى العاصمة الجديدة وهل يمكن أن يقطع المواطن هذه المسافة لتغيير بطاقة أو جواز سفر أو قسيمة زواج أو مكتب الصحة.. إن انتقال الوزارات يعنى انتقال مكاتبها وموظفيها وخدماتها فكيف يتم ذلك كله وفى شهور قليلة.. على الجانب الآخر ما هو مصير القاهرة بمنشآتها وقصورها الخالية بعد رحيل الوزارات وانتقال مؤسسات الدولة.. هناك منشآت جديدة تماما فى العاصمة الجديدة على احدث ما تكون أساليب العمل والإدارة ولكن ما هو المستقبل الذى ينتظر مبنى المجمع فى ميدان التحرير ومجلس الشعب ومجلس الوزراء والقصور التى تشغلها الوزارات ومنها وزارة الإنتاج الحربى ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والخارجية وكل هذه المنشآت ستصبح خالية بعد رحيل الوزارات إلى العاصمة الجديدة وهناك أيضا مئات المباني التى تشغلها الوزارات فى صورة مراكز أو مكاتب أو خدمات والأخطر من ذلك هو انتقال السفارات خاصة أن بعض هذه السفارات أعلن صراحة أنه لم يفكر بعد فى الانتقال إلى العاصمة الجديدة كما أعلنت السفارة الروسية.. إن المطلوب أن نطمئن أولا على أصول القاهرة ومبانيها وشوارعها وخدماتها لكى تبقى دائما مصدر إشعاع وحضارة وألا تتحول إلى مدينة للصمت بعد أن تخلو وزاراتها ويرحل موظفوها لأن الجديد لا ينبغى أن يهدد أو يشوه قيمة القديم..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع