بقلم - فاروق جويدة
كل العالم يحتفل باليوم العالمى للغة العربية فى ١٨ ديسمبر من كل عام إلا العالم العربى يمر عليه هذا اليوم دون أن يشهد احتفاليات تليق به فى مؤسساتنا الثقافية والعلمية والأدبية.. مر هذا اليوم فى صمت غريب لأننا كدول وشعوب مازلنا نتأمر على لغتنا العريقة.. حتى المؤسسات الثقافية فى أوربا تحتفل باليوم العالمى للغة العربية وهو حلم دافعت عنه الدول العربية سنوات طويلة حتى كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام ١٩٧٣بأن تكون اللغة العربية من اللغات الرسمية فى المنظمة العالمية وأحدى لغات العمل فيها .. كان حلما قديما ولكن مع الأيام والصراعات ونظم التعليم المتخلفة بدأت رحلة التراجع فى اهتمام الشعوب والحكومات العربية بلغتها رغم انها من أهم وأخطر مقومات وجود هذه الأمة تاريخا وحضارة وعقيدة .. كلنا يعلم أحوال اللغة العربية وما أصابها فى مراحل التعليم المختلفة وكيف أصبحت غريبة فى بيوتنا وشوارعنا وإعلامنا.. فى اليوم العالمى للغة العربية لم نشاهد برنامجا أو سهرة تلفزيونية تناقش مستقبل هذه اللغة ولم نشاهد عملا فنيا قديما أو حديثا يستخدم اللغة العربية ولم نسمع إحدى قصائد أم كلثوم أو عبد الوهاب من كلمات شعراء العربية الكبار.. هناك أفلام قديمة تقدم اللغة العربية فى أكمل صورها ولكن كل هذه الأشياء غابت أمام طوفان من اللهجات المحلية حتى أن كل محافظة أو مدينة فى عالمنا العربى أصبحت لها لهجتها الخاصة.. إن أزمة اللغة العربية تحولت إلى كارثة تهدد مستقبلها وفى اليوم الذى تختفى فيه اللغة العربية لن تجد تاريخا أو حاضرا أو مستقبلا لهذه الأمة .. وعلى أصحاب القرار أن يدركوا حجم هذه المأساة لأن الأطفال الصغار فى المدارس الأجنبية لا يتحدثون اللغة العربية وفى البيوت يفرح الآباء والأمهات الآن أن الأبناء يغنون بالإنجليزية والفرنسية وقريبا تكون الصينية واليابانية.. إن الاهتمام باللغات الأجنبية قضية ضرورية ولكن إهمال اللغة العربية جريمة ثقافية وسياسية ودينية لأن القرآن الكريم دستور المسلمين وكتابهم الخالد نزل باللغة العربية.. إن إنقاذ اللغة العربية يحتاج إلى قرارات حاسمة ومواقف مسئولة من أصحاب القرار..
نقلا عن الاهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع