بقلم : فاروق جويدة
شهدت الثقافة المصرية فى عهدها الذهبى ظهور مجموعة من الرموز التى شكلت العقل المصرى بصورة حضارية وفكرية مستنيرة وفتحت للوجدان المصرى آفاقا جديدة من الترفع والجمال فى مصر ظهرت صحوة فنية رائدة وتصدرت الساحة مجموعة من المبدعين الكبار فى كل التخصصات غناء وفنا ومسرحا ومع هذا هناك مجموعة من رجال الدين الذين فتحوا أبوابا للاجتهاد والحوار..كان فى مقدمة هذه النخبة مفكرنا الجليل خالد محمد خالد.. عرفته سنوات طويلة وكنت أزوره فى شقة متواضعة فى حى منيل الروضة وكانت فى الدور السادس بدون أسانسير وكانت الشقة متواضعة فى كل شىء مساحة وأثاثا وكان يأنس كثيرا لها ويحب الحياة فيها وحين انتقل إلى فيلا صغيرة فى المقطم مرض مرضا شديدا وكان يتصور انه لو عاد إلى شقة المنيل لتحسنت صحته.. بدأ خالد محمد خالد مشواره الفكرى يساريا ثم إسلاميا وانتهى به المشوار إلى أن يكون من رموز الحريات الفكرية فكان ليبراليا مدافعا بضراوة عن الديمقراطية وخاض معارك كثيرة مع كل أصحاب الاتجاهات المتطرفة..فى احد المؤتمرات الهامة دارت مناقشة طويلة بينه وبين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ويومها كان خالد محمد خالد جريئا ومقنعا وهو يقول للرئيس دع الزهور تتفتح مطالبا بالحرية والديمقراطية لأبناء وطنه..كتب خالد محمد خالد عشرات الكتب مدافعا عن الحرية من هنا نبدأ،مواطنون لا رعايا،الديمقراطية أبدا،أزمة الحرية،لكى لا تحرثوا فى البحر, وتناول حياة الرسول عليه الصلاة والسلام فى أكثر من كتاب وكان أمينا صادقا وهو يكتب معا على الطريق محمد والمسيح، إنسانيات محمد.. ومن أعظم ما كتب خالد محمد خالد كتابه الأشهر رجال حول الرسول تناول فيه سيرة عدد كبير من الصحابة وكيف كان الرسول عليه الصلاة والسلام يختار الرجال حوله..كانت بيننا جلسات طويلة وكان خالد محمد خالد مترفعا فى كل شىء وقد شاهدته بنفسى وهو يرفض أشياء كثيرة وعاش راضيا قانعا بفكره وعلمه وثقافته..طاف فى كل مدارس الفكر وعاش معها وعايشها ورفض منها ما رفض واقتنع بما اقتنع لكنه كان فى كل الحالات عقلا مضيئا وكانت لغته العربية التى أحبها لغة أدبية ساحرة فى رصانتها وجمالياتها وعمق معانيها.
نقلًا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع