توقيت القاهرة المحلي 19:41:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اتفاقيات الحكومة .. وغياب المتابعة

  مصر اليوم -

اتفاقيات الحكومة  وغياب المتابعة

بقلم : فاروق جويدة

فى كل يوم نقرأ عن اتفاقيات اقتصادية جديدة يوقعها المسئولون فى الدولة تبدأ هذه الإتفاقيات بما يتم فى زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى للدول الأجنبية وهى زيارات تعددت وشملت عددا كبيرا من الدول.. هناك ايضا اتفاقيات وقعتها الوزارات من خلال الوزراء المسئولين فى الحكومة وقد شملت اكثر من وزير واكثر من مسئول .. ولاشك ان هذه الإتفاقيات تمثل تطورا كبيرا فى العلاقات الإقتصادية بين مصر ودول العالم وهى تبعث الروح فى قطاعات كثيرة تجمدت انشطتها عبر سنوات طويلة من الإهمال والفساد وغياب الجدية والمتابعة..

نحن الأن امام واقع جديد مئات الإتفاقيات التى وقعتها مصر فى كل المجالات فى الإستثمار والصناعة والزراعة والبترول والغاز والثروة المعدنية واستخراج الذهب والسياحة والتسهيلات الإئتمانية والقروض والبنوك والصناعات الصغيرة والإسكان والثروة السمكية والمناطق الحرة والسيارات والتكنولوجيا والإتصالات .. وقبل ذلك كله نحن امام ارقام مذهلة سواء فى التمويل او الشراكة او الديون او المعونات .

لقد تناولت هذه القضية بإيجاز شديد فى مرات سابقة ولكننى تلقيت رسائل كثيرة تطالبنى بأن اكمل الحديث فى هذه القضية الشائكة .. وهنا نطرح عددا من التساؤلات المهمة ..

اولا : هل لدى الحكومة خريطة كاملة عن الإتفاقيات التى تم توقيعها فى مؤسسات الدولة بمعنى هل هناك جداول تضم المشروعات وانواعها وفترات تنفيذها وتكاليفها المالية وما تفرضه من التزامات على الجانب المصرى واين توجد هذه الجداول وهل تتبع وزارة التخطيط ام وزارة الإستثمار ام التعاون الدولى ام مجلس الوزراء؟!

ثانيا : ان عشرات الوفود المصرية التى سافرت للخارج قامت بتوقيع اعداد كبيرة من الإتفاقيات كما ان عشرات الوفود الأجنبية زارت القاهرة ووقعت مئات الإتفاقيات فأين ذهبت هذه المشروعات، وهل تم اسنادها الى مؤسسات معينة هنا وهناك من اجل بدء التنفيذ، وهل بدأ التنفيذ ام بقيت على ورق ام اننا امام منشآت بدأت معالمها تظهر واين يحدث ذلك كله ؟!

ثالثا : ماذا يعنى ان يعلن مسئول ان شركة كذا قررت استثمار مليار دولار فى مشروع ما .. هل هى مجرد ارقام للإعلام ام ان هناك مشروعات تمت دراستها من الفنيين والخبراء واخذت طريقها للتنفيذ هل هى مجرد اخبار صحفية عن زيارة تمت او وفد سافر، لابد ان يعلن عن نتائج الزيارة حتى لو كانت سطورا على ورق ؟!

رابعا : ان هذه الإتفاقيات بالضرورة تمثل اعباء على الجانب المصرى فى صورة ديون او التزامات مالية وهذا يعنى ضرورة التنفيذ حتى لا تصبح هذه الأعباء مجرد اموال سوف يجئ ميعاد سدادها .. وهل تتحول هذه الأعباء الى التزامات على ميزانية الدولة رغم عدم تنفيذها؟!

خامسا : هناك اتفاقيات مالية تحمل ارصدة كبيرة تضاف الى الدين العام هناك القروض والتسهيلات وهناك اذون الخزانة بالعملة الصعبة والجنيه المصرى وهناك ديون مؤسسات الدولة لبنك الإستثمار القومى وهناك قروض الحكومة من البنوك لتمويل المشروعات او تغطية عجز الميزانية بل ان المشروعات الجديدة تحصل على تسهيلات من البنوك بفوائد ميسرة.. وهذه المجالات جميعها يجب ان تخضع لرقابة من البنك المركزى حتى لا تتوه اموال البنوك فى عجز الميزانية وفى دوامة القروض.

سادسا : فى كل بلاد الدنيا تخضع سياسة القروض لقواعد صارمة حتى لا تدخل الديون فى مناطق الخطر وقد تجاوزت ديون مصر الأن 3٫5 تريليون جنيه بجانب اكثر من 70 مليار دولار والسؤال هنا هل يشمل ذلك اذون الخزانة او ديون المؤسسات الخاصة او ديون المشروعات الإستثمارية التى تقترض من الداخل او الخارج وهل يتم ذلك تحت إشراف البنك المركزى والحكومة ام انه نشاط مستقل لا يخضع لذلك كله؟!

سابعا : ما هو مصير هذه الإتفاقيات فى الوزارات المختلفة وهل هناك قواعد للتنفيذ والتخطيط والمتابعة ومن يراقب القروض التى تحصل عليها كل وزارة وهل هناك تنسيق بين ما تحصل عليه الوزارات مجتمعة على اساس ان ذلك يمثل اعباء على الدولة حتى لو جاءت من مصادر مختلفة.. ان وزارة الإستثمار توقع اتفاقيات وكذلك التعاون الدولى ووزارة الصناعة ايضا وكذلك وزارة المالية فيما يخص اذون الخزانة والبنك المركزى يقدم الضمانات فى كل الأحوال حول سياسة الإقراض حتى لا تصبح سيفا مسلطا على موارد الدولة وقبل هذا كله فإن معظم مؤسسات الدولة مدينة لبنك الإستثمار القومى بمئات الملايين من الجنيهات.

ثامنا : ان اخشى ما اخشاه هو سياسة الجزر فيما يتعلق بقضية الإتفاقيات لأننا امام اعداد كبيرة منها وهى لا تتم فى إطار حكومى واحد ومتجانس ولكنها سياسات وزراء وكل وزير يدير شئون وزارته حسب حساباته وربما غاب التنسيق بين الوزراء حول ما يوقع من اتفاقيات وما تفرضه من اعباء .. ان منطق الجزر يعنى غياب التنسيق وغياب المتابعة وغياب الحساب وقبل هذا كله غياب المسئولية خاصة إذا كانت الحكومة لا تتابع تفاصيل كل ما يجرى من هذه الإتفاقيات .

تاسعا : فى زمان مضى كانت الحكومات الأجنبية تشكو من ان الدولة المصرية لا تلتزم بما توقعه من الإتفاقيات وكانت القروض تظل سنوات دون ان تستخدمها الحكومة المصرية لأن المشروعات لم تكن تنفذ ولأن المؤسسات لا تتابع ما وصلت اليه هذه الإتفاقيات .. هناك مشروعات كثيرة فى الصناعة والسياحة وحتى البترول حصلت فيها مصر على تسهيلات واموال وقروض لم تستخدمها وبقيت حبرا على ورق سنوات طويلة .

عاشرا : حتى لا تتكرر اخطاء الماضى وحتى لا نجد عشرات الإتفاقيات لم تنفذ وحتى لا تظل عشرات المشروعات حبرا على ورق فإن المطلوب الأن هو ضرورة التنسيق بين السادة الوزراء حول ما يوقعون من الإتفاقيات بحيث لا ينفرد وزير بتوقيع عشرات المشروعات دون ان يخطر زملاءه بذلك .. والأهم من ذلك بالطبع ان تعرض الإتفاقيات قبل توقيعها على مجلس الوزراء حتى لا يحدث تناقض او تعارض فى السياسات .. ليس من حق اى وزير ان يذهب الى اى دولة ويقرر منفردا توقيع اتفاقية او قرض او شركة او تعاون فى اى مجال دون ان يخطر الحكومة بذلك خاصة إذا كانت هذه الإتفاقيات تفرض التزامات او اعباء على الدولة .. ان غياب التنسيق بين سلطة القرار فى مثل هذه الأمور يمكن ان يصل بنا الى نتائج خطيرة .

يبقى عندى اقتراح وهو ان يتم إنشاء جهاز سيادى لمتابعة تنفيذ الإتفاقيات والتنسيق بين الجهات المسئولة لأننا احيانا نجد وزارة مهمتها ان تحدد المشروع مثل وزارة التخطيط وتسند تنفيذه الى وزارة اخرى كالصناعة او الزراعة او السياحة وهنا تكون مسئولية هذا الجهاز هى التنسيق بين مؤسسات الدولة ومتابعة تنفيذ الإتفاقيات من حيث الإلتزامات والتوقيت والأعباء والإنجازات اما ان يبقى الحال كما هو الأن حيث نقرأ كل يوم عن عشرات المشروعات التى تم توقيعها ثم نسأل اين هذه او نجد المسئول كل يوم فى بلد يوقع الإتفاقيات دون متابعة لا من الحكومة او الأجهزة المسئولة ..

اين مجلس الشعب من كل هذه الإتفاقيات وهل تصل الى المجلس صورة منها .. اننا لم نسمع يوما ان المجلس ناقش اتفاقية او اعترض عليها او طلب اى تعديلات فيها ..

إن بقاء المجلس بعيدا عن الإتفاقيات التى توقعها الحكومة يمثل خللا كبيرا فى العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لأن هذا يعنى التزامات واعباء جديدة على الدولة لا يراقبها او يتابعها احد والمطلوب ان تقدم الحكومة للمجلس هذه الإتفاقيات بل ان الأهم ان يوافق عليها حتى تكون ملزمة للدولة المصرية

ان هذه الإتفاقيات تمثل انجازات كبيرة لا خلاف عليها لأنها تفتح امام الإقتصاد المصرى مجالات اوسع وابوابا اكبر للتنمية والبناء ولكن المطلوب ان نطمئن الى ان هذه الإتفاقيات لا تفرض اعباء فوق طاقتنا ولا تطالبنا بما لا نستطيع وقبل ذلك ان تكون واقعا يشعر به المواطن حتى ولو بعد حين .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اتفاقيات الحكومة  وغياب المتابعة اتفاقيات الحكومة  وغياب المتابعة



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 07:02 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 02:31 2021 الإثنين ,22 آذار/ مارس

طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة

GMT 00:00 2023 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كولر يدرس تصعيد شباب الأهلي بعد تألقهم مع منتخب الشباب

GMT 02:52 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تبهر متابعيها بـ إطلالة جديدة

GMT 02:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مسعود أوزيل يغادر لندن للانضمام إلى صفوف فناربخشة التركي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة لا ينبغي تقديمها للأطفال في فصل الشتاء تعرّفي عليها

GMT 02:48 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على السيرة الذاتية للفنانة عبير بيبرس

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف السعودية الصادرة الثلاثاء

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شقيق جيجي حديد وبيلا حديد ينافسهما في مجال عرض الأزياء

GMT 10:43 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة صينية ترتدي فستان زفاف ساحرًا من مئات الطبقات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon