بقلم:فاروق جويدة
كنا صغاراً يومها حين تم إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وأُعلنت الجمهورية العربية المتحدة، وانقسمت إلى الإقليم الشمالى والإقليم الجنوبى.. حمل السوريون يومها سيارة عبدالناصر على الأعناق فى مشهد تاريخى كان حديث العالم.. كانت الوحدة أسعد اللحظات فى حياة عبدالناصر، وسرعان ما ظهرت المؤامرات وأُعلن الانفصال.. شهدت العلاقات بين الشعبين المصرى والسورى تطوراً كبيراً فى سنوات الوحدة على المستوى السياسى والاجتماعى، وإن كان السوريون قد تحفظوا كثيراً على قرارات التأميم والاشتراكية، التى تركت آثاراً عميقة لدى الشعب السورى، خاصة العائلات الكبرى وكثيرا من قيادات الجيش السورى.. كانت حركة الكزبرى الانفصالية أحد إفرازات هذا التحفظ، وإن شهدت العلاقات تطوراً كبيراً على الجوانب الاجتماعية، خاصة فى مشروعات الزواج.. انتهى حلم عبدالناصر فى الوحدة، ومعها أسطورة القومية العربية والحلم العربى و"وطنى حبيبى الوطن الأكبر".. ودّع الزعيم حلمه فى سوريا، وقال يومها كلمات ما زلت أحفظها، وظنى أنها كانت من صياغة هيكل:
«أعان الله سورية الحبيبة على أمرها، وبارك شعبها، وسدد خطاها، وسوف تبقى الجمهورية العربية المتحدة رافعة أعلامها مرددة أناشيدها»..
انتهى الحلم وأصبح كابوساً، ولعبت السياسة دورها ما بين التواصل والقطيعة.. على خطوط المواجهة، التقى رفاق الأمس، وكتبوا صفحات مجيدة فى تاريخ هذه الأمة نصراً وانكساراً وهزيمة.. بقيت سوريا فى قلب كل مصرى، الوطن الغالى الشقيق والحلم البريء الصامد فى زمن وأوطان تتوحد فيها كلمتنا وتنتصر فيها إرادتنا.. تبقى أعلام الوحدة حلماً بدأ يوماً فى سماء بلادنا وسافر بلا موعد.