بقلم - فاروق جويدة
كانت هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة بداية إنشاء دولة ظهرت فيها عبقرية المصطفى عليه الصلاة والسلام فى خروج دعوته من حصار مكة إلى آفاق أكبر وأوسع ولم يكن غريبا أن يخرج أتباع الرسول جماعات وفرادى متجهين إلى المدينة المنورة..عاش الرسول تجربة قاسية عندما ذهب إلى الطائف طالبا منهم الحماية ولكنه خرج حزينا من سوء معاملة القبائل له وبدأ التفكير فى الهجرة إلى المدينة سراً إلا أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه رفض أن يخرج من مكة إلا حاملا سيفه وحوله عدد من المسلمين وخاف كهان مكة من ابن الخطاب وهو يحذرهم ويطلب منهم لقاء الفرسان..فى ليالى الهجرة قصص كثيرة عن دور أبوبكر الصديق وعلى بن أبى طالب ــ رضى الله عنهما ــ وهما يوفران كل سبل الحماية للرسول حتى يخرج من مكة سالما..وكان الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ وهو يودع مكة وأهلها حزينا ويقول والله انك أحب بلاد الله إليَ ولولا أن اهلك أخرجونى ما خرجت..وكان بذلك يضع أول أسس المواطنة وحب الإنسان لوطنه..كانت الهجرة درسا للمسلمين وهم فى بداية الرسالة تجسدت فيها مواقف الصحابة رضوان الله عليهم. لقد أخذ أبوبكر كل ما لديه من المال ونام سيدنا على فى بيت الرسول وهو يعلم أن كفار قريش قرروا التخلص منه وهو نائم وحين رفعوا عن وجهه بردته وجدوا عليا ينام مكانه ويفتديه بروحه أذا اقتضى الأمر..وخرج عمر متحديا أمام الجميع ورفض أن يخرج متخفيا..نماذج من الصحابة من افتدى الرسول ومنهم من ذهب معه بكل ماله ومن خرج رافعا سيفه قائلا: من أرادني فليلحق بى. ولم يجرؤ أحد على أن يتتبع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..كان مشهد استقبال الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته فى المدينة، شيئا رائعا: وكان اسمها يثرب وأطلق عليها لقب المدينة أى أنها مدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام..كان استقبالا تاريخيا وأهل المدينة من الأنصار يخرجون حشودا فى كلمات رائعة طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع..وكان نصر الله سطوراً على وجه التاريخ «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»..ألا قد بلغت اللهم فاشهد.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع