بقلم - فاروق جويدة
صديقى الدكتور مصطفى الفقى خدعنى سنوات طويلة بمقولته الشهيرة نحن جيل الطابق المسحور وهو الجيل الذى جلس فى مكانه وعبرت عليه كل الأجيال دون أن ينال حظه فى المناصب والمكاسب والسلطان ولم يلعب الحظ معه منذ نكسة 67 ، أخيرا تخلى عنا د.مصطفى الفقى ونحن جميعا نقف على محطة القطار رغم أن سنوات العمر تسربت وأصبح الحصول على منصب أو موقع مغامرة خاسرة أمام ارتفاع الضغط والقلب المتعب، فجأة قفز مصطفى الفقى فى غفلة منا وركب آخر عربات القطار وأصبح رئيسا لمكتبة الإسكندرية.. كانت له قصص وحكايات كثيرة مع المناصب فقد حلم يوما أن يكون وزيرا للخارجية وحرموه من الوزارة وكان حلمه أن يكون أمينا لجامعة الدول العربية ولم يتحقق الحلم وبقيت أحلامه فى دوائر صغيرة فى مكتب الرئيس الأسبق أو المعهد الديبلوماسى وللإنصاف فقد كان هو الأجدر بكل ما حلم به من المناصب فهو مثقف من طراز فريد وكاتب له لغته وأسلوبه ولو بدأ مشواره كاتبا لكان فى الصدارة وقبل هذا فإن مصطفى الفقى يتمتع برصيد كبير من الصداقات وحب الناس وهو متحدث خطير ومن الحكايين الكبار بجانب سخريته اللاذعة.. فى تقديرى أن مصطفى الفقى سوف يضيف الكثير إلى مكتبة الإسكندرية وقد وضع إسماعيل سراج الدين الأساس لهذا المشروع الضخم. كنت أول من كتب عن إسماعيل حين رشحته دولة افريقية ليكون رئيسا لليونسكو وتخلت عنه مصر ويومها قلت من اجل مصر وليس من اجل إسماعيل سراج الدين وكان موقفا غريبا من الدولة المصرية ألا تساند احد أبنائها فى معركة دولية وتتركه يواجه مصيره وحده.. كانت تجربة إسماعيل سراج الدين فى مكتبة الإسكندرية ناجحة والآن يكمل مصطفى الفقى هذا الدور الكبير وإذا كان إسماعيل قد جعل منها دارا للصفوة والنخبة فإن مصطفى قادر على أن يجعل منها دارا للشعب. إنه بحسه الوطنى واقترابه من نبض الناس سوف يضخ فيها دماء وأفكارا ورؤى جديدة.. مبروك يا مصطفى رغم انك خدعتنا خدعة كبرى حين تركت جيلك وحده فى الطابق المسحور.