بقلم - فاروق جويدة
مازالت مأساة الشعب السورى واحدة من أسوأ مآسى العرب فى العصر الحديث سبقتها كوارث أخرى فى أزمنة مختلفة ولكن الوطن السورى أصبح مرتعا لمؤامرة دولية كبرى ليس المهم الآن أن نناقش أسباب الكارثة ولكن إلى أين تمضى الأحداث بهذا الوطن الجريح.. لم يكن العدوان الثلاثى أمريكا وانجلترا وفرنسا هو أول المؤامرات ولكن هناك أطراف كثيرة أخرى شاركت فى هذه المحنة.. أين كانت قوات الجيش الروسى وقواعده العسكرية فى سوريا، لقد سكتت تماما أصوات الطائرات والصواريخ الروسية وهى قادرة أن ترد فى أى وقت، أين كان آلاف الجنود الروس الذين ينتشرون فى دمشق والصواريخ الأمريكية تنهال عليها والطائرات الانجليزية والفرنسية تجول فى سماء سوريا..على الجانب الآخر أين قوات إيران التى تتحصن منذ سنوات فى التراب السورى بدعوى حمايته، لم يتحرك جندى واحد من آلاف الجنود الذين يحتلون الأراضى السورية.. كيف دخلت الطائرات والصواريخ الأمريكية واقتحمت كل سوريا وهناك جيوش تدعى إنها تحمى سوريا الشعب والرئيس.. إن ما حدث فى هذه الضربة العسكرية لم يكن فقط عدوانا على الشعب السورى ولكنه صفعة قوية لدولتين كبيرتين هما روسيا وايران.. وهى خيانة منهما للشعب السورى والنظام السورى.. هكذا كان الروس دائما يختفون فى أوقات الشدائد.. وبعد أن انتهت الضربة العسكرية هربت روسيا إلى مجلس الأمن بينما العالم يسأل لماذا اختفت روسيا أمام العدوان الأمريكى على الشعب السورى.. إن أمريكا أرادت أن تضع روسيا فى حجمها الطبيعى وقد نجحت فلم يتحرك صاروخ روسى واحد نحو طائرة أمريكية.. سوف يقول البعض إنها دول نووية وان المواجهة بينها دمار فى دمار ولكن ماذا يقال عن دولتين كبيرتين روسيا وإيران وهما تقفان بهذا الخضوع أمام القوات الأمريكية.. إن الشىء المؤكد أن هذه العملية العسكرية وضعت حسابات جديدة على الأرض السورية وحددت حجم القوى سياسيا وعسكريا وأن أمريكا مازالت صاحبة القرار..إن ما حدث رغم بشاعته انتصار للرئيس الأمريكى أمام بوتين ومشايخ إيران ولا ينبغى أبدا أن نتجاهل نتائج ما حدث، أن أمريكا القوة العظمى والرجل البلطجى لن يسمح بوجود شركاء آخرين فى حكم العالم.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع