بقلم - فاروق جويدة
حاول أن تقترب من نفسك قليلا وأنت تستقبل شهر رمضان الكريم.. إن البعض منا يجعل منه شهرا للطعام وأخر يجعله شهرا للعبادة فلا يذهب إلى عمله..
وهناك من يجعل منه شهرا للتأمل.. ومن أجمل ما خلق الله فى الإنسان صفة التأمل بحيث يسافر الإنسان ليرى الأشياء حوله ثم يقترب من ذاته ويسافر فى أعماق نفسه ويراجع جدول الأعمال وأين اخطأ ومتى أصاب.. إن التأمل من أرقى صفات البشر انه ليس قراءة عابرة للأشياء ولكنه سفر طويل تغوص فيه المشاعر فى الناس والصور والمتغيرات.. ومع التأمل نقترب من أنفسنا أكثر فلا نجد حاجزا يفصل الإنسان عن ذاته.. وهو من أكثر الأشياء التى تقربنا إلى الله سبحانه وتعالى لأن التأمل أحيانا يكون وسيلة لتفسير الأشياء والظواهر وفى كل لحظة نتأمل فيها نكتشف أشياء لم نعرفها من قبل.. وكلما تقدمت بنا سنوات العمر ازدادت مساحات التأمل فى كل نفوسنا فنقرأ الأشياء بصورة أفضل ونفهم البشر بدرجة أعمق وتصبح لدينا متعة فريدة إلا نتعامل فقط مع ظواهر الأشياء لأنها قشور تخفى وراءها المعنى الحقيقى والهدف الذى تحمله..
فى أحيان كثيرة تقرأ الصورة وتتصور انك أدركت كل ما فيها وحين تقترب منها وتتأمل الضوء والظلال سوف تكون هناك قراءة أخرى.. إن البعض يقرأ بالبصر لكن هناك من يقرأ بالبصيرة وهنا يكون الاختلاف بين ما نراه بالعين وما نراه بالمشاعر.. حاول فى شهر رمضان المبارك أن تتأمل الأشياء حولك كيف تغيرت الحياة وتغيرت طباع البشر ولماذا اقتحمت حياتنا كل هذه الظواهر السلبية فى المعاملات والأخلاق والثوابت وكيف تشوهت بين أيدينا مظاهر الحياة وأصبحنا أكثر قسوة وأكثر نفاقا وأكثر كراهية للآخرين.. لو تأملت المشهد من بعيد سوف تكتشف أن الحياة مشوار قصير فى العمر وان أجمل ما فيه أن تترك بعدك حديقة خضراء فى نفوس راضية محبة للبشر والحياة فإذا تركت الأرض خاوية فسوف تهرب منها العصافير وتسكنها الزواحف وهذا هو الإنسان إذا لم تسكنه أسراب العصافير فسوف تسكنه الخفافيش.. فلا تنسى أن تتأمل وأنت تصافح الشهر الكريم.