بقلم فاروق جويدة
سألتنى ما أجمل أزمنة الحب؟
قلت:حين يشعر الإنسان بإنسانيته فلا حب فى وطن فرط فى حقوقه واستباح حقوق الآخرين..فى أزمنة الرقى والترفع تكبر أشجار الحب لأنها تجد من يرعاها والحب مثل كل الأشياء تسرى عليه قوانين الحياة..انه يعطى بسخاء حين يكون العطاء أسلوب حياة..وهو كائن شفاف لا يحتمل عنف الآخرين وقسوتهم..إن القسوة أحيانا تصبح أسلوب حياة تتجسد فى حاكم ظالم وتظهر فى سلوكيات مجتمع فقد الرحمة..وفى قلوب أدمنت الخوف..حين تصير القسوة شيئا طبيعيا فى حياة البشر ينسحب الحب فى هدوء ويختار لنفسه أوطانا أخرى أكثر رحمة وإنسانية..اسمع كثيرا عن قصص حب جامحة ماتت فى لحظة بسبب القسوة..والقسوة لا تعنى الاعتداء بعنف على شخص ما..إن إهدار كرامة الإنسان أسوأ أنواع القسوة..وحرمان الإنسان من حقه فى الفكر والرأى والحوار من أحط أنواع القسوة..وعقاب الأطفال وحرمانهم من ساعة فرح أو لعبة يحبونها اقرب طريق للقسوة..إننا نتخيل أحيانا أن القسوة هى العنف البدنى رغم ان العنف النفسى يترك أشلاء بشر وبقايا إنسان. لا شك ان للحب أزمنة يحلق فيها مثل الطيور حين تهل فى مواسمها..وهناك أزمنة تقتل الحب..وأزمنة تحييه.. والفرق بين زمان يقتل الحب وزمان آخر يحييه، هو الفرق بين الموت والحياة.. فما أكثر الأحياء الموتى وما أكثر الموتى الأحياء.. حين تحب يتغير لون العالم وتتبدل فى عيونك الأشياء.. ان للفرح معنى وللسعادة مذاق وحين تحب تحتوى العالم فى قلبك الصغير وحين يغيب الحب يصغر العالم فى عيوننا ونكاد لا نراه..ومن الخطأ ان تتصور أن الحب امرأة تسافر فى عينيها..الحب مكان تعشقه وعمل يشعرك بآدميتك ووطن لا يبخل عليك بالعيش والكرامة وأسرة كبيرة تجد عندها الأمان فى الشارع والبيت والمقهى وأسرة صغيرة تمنحها سنوات العمر بسخاء وتزرع فى أرضها أشجارا طيبة وصالحة وبعد ذلك كله ما أجمل أن تجد قلبا رقيقا تلقى عليه متاعب رحلتك حيث الأمن والأمان..كلما نظرت للسماء ورأيت العصافير وقد غابت والطيور انسحبت ورأيت الأتربة تغطى أوراق الأشجار الحزينة أشعر ان الحب يعيش أزمة فقيرة وانه يبحث عن منقذ أمام أشباح القبح وأشلاء الجمال.