بقلم - فاروق جويدة
طلب الرئيس عبدالفتاح السيسى من الحكومة أن تضع ضوابط لحماية الأراضي الزراعية من الاعتداءات الصارخة عليها فى عمليات البناء.. ولاشك أن القضية قديمة وقد أهملتها الحكومات السابقة وكانت من خطايا أزمنة رحلت وإن بقيت حتى الآن بلا حل أو حماية.. هناك مساحات ضخمة من الأراضي الزراعية التى تحولت إلى كتل خرسانية وللأسف الشديد إننا لم نخسر الأرض فقط ولكن خسرنا معها إنتاجا زراعيا كان يغطى احتياجات محافظات كثيرة.. كانت القاهرة تجد احتياجاتها فى مزارع الهرم وحلوان وشبرا والمهندسين وكانت هذه المساحات تزرع الخضار والفاكهة ولكن الخرسانات اقتطعت من هذه الأراضي مساحات كبيرة.. كان الأخطر من ذلك أن هذه المناطق كانت بداية ظهور العشوائيات بكل ما حملت من الأمراض الاجتماعية والأخلاقية وللأسف الشديد لجأت الحكومات إلى سياسات خاطئة حين حرمت هذه المناطق من جميع الخدمات بما فى ذلك الكهرباء والصرف الصحى والمياه وتحولت مناطق كثيرة فى العشوائيات إلى أوكار للجرائم والمخدرات ولم تستطع الحكومات السابقة أن توفر الأمن والاستقرار لسكان العشوائيات وهنا أتاحت فرصة لحشود الإرهاب التى تغلغلت فى هذه الأماكن ونشرت الفكر المتطرف الذى مازلنا نعانيه حتى الآن.. إن العدوان على الأراضي الزراعية وهى جزء أصيل من ثروة مصر الحقيقية لم يكن جريمة اقتصادية واجتماعية فحسب ولكنها جريمة فكرية وثقافية لأن انتشار العشوائيات حمل معه مخاطر أخرى غير تهديد الأمن والاستقرار.. لا أحد يعرف حجم الأراضي الزراعية التى خسرتها مصر فى السنوات الماضية وإن كان البعض يصل بها إلى ملايين الأفدنة خاصة أن مساحة الأراضي الزراعية كانت محدودة للغاية ولا تغطى احتياجات المصريين من الحاصلات الزراعية.. إن على الحكومة الآن تنفيذا لتعليمات الرئيس السيسى أن تناقش أولا حجم المساحات التى ضاعت وما بقى من الأراضي الزراعية وأن تضع الضوابط التى تجرم العدوان على ما بقى لنا من المساحة الخضراء.. كانت الأراضي الزراعية لا تقدر بثمن وفى زحام المنشآت خسرنا أفضل ما لدينا منها خاصة تلك المزارع التى كانت تحيط بالمدن الرئيسية وتحولت إلى أوكار للعشوائيات..
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع