بقلم - فاروق جويدة
معظم مسلسلات الفضائيات هذا العام تجرى أحداثها فى صعيد مصر وتعود بنا مرة أخرى إلى تاريخ قديم عن جرائم الثأر والمخدرات والقتل ولا احد يعرف السر فى اختيار الصعيد هذا العام ليكون أرضا لكل ما يجرى من أحداث على الشاشات..وإذا كانت جرائم الفساد والرشوة قد دارت أحداثها فى القاهرة فإن الثأر عاد يطل مرة أخرى فى الصعيد..ولاشك أن الثأر تراجع كثيرا فى السنوات الأخيرة ولم يعد كما كان عرفا اجتماعيا وسلوكيا يفرض نفسه..ويبدو أن هناك مجموعة كبيرة من الشباب من كتاب السيناريو جاءوا من الصعيد وتشبعوا بما يجرى هناك وأرادوت نقل صورة للواقع الاجتماعى والإنسانى فى صعيد مصر، ولكن الغريب أن المعالجات من الناحية الفنية لا تناقش كثيرا قضايا الصعيد الحقيقية وهو من أكثر الأقاليم التى تعرضت للإهمال فى سنوات مضت وظلت الحكومات المتتالية تضع صعيد مصر فى آخر القائمة حتى بدأت الدولة أخيرا تولى بعض الاهتمام لمناطق كثيرة فى الصعيد.. لقد شاهدت مشاهد قليلة من مسلسلات الصعيد وهى تكفى للحكم عليها من الناحية الفنية أو الواقعية وان كانت لهجات الممثلين وهم ينطقون لهجة أهالى الصعيد قد اختلفت من فنان لآخر..إن تاريخ الفضائيات حافل بعدد كبير من المسلسلات التى دارت أحداثها فى قلب الصعيد ولدينا نجوم كبار أجادوا هذه الأدوار بلهجات حقيقية أمثال عبد الله غيث ومحمود مرسى وحتى نجوم السينما قدموا أفلاما عن الصعيد ومنهم عمر الشريف ورشدى أباظة بل إن فريد الأطرش وهند رستم وشادية قدموا فيلما رائعا من إخراج يوسف شاهين وهو أنت حبيبى دارت كل أحداثه فى الصعيد.. هل ينجح شباب الصعيد فى تقديم صورة واقعية فى كتاباتهم عن صعيد مصر؟ إن الأزمة الحقيقية انهم يدورون فى فلك واقع اجتماعى وسلوكى قديم والصعيد الآن تغير وأصبحت فيه ظواهر جديدة وفيها سلبيات كثيرة واختفت ظواهر أخرى منها جرائم الثأر ومطاريد الجبل وكلها أشياء غابت الآن واختفت ويبقى أمامنا واقع جديد يجب أن نناقشه ونبحث عن أسبابه وشباب الصعيد من كتاب السيناريو وعددهم كبير يمكن أن يقوموا بهذه المهمة.
المصدر : جريدة الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع